اليوم ، وواعده به في يوم الأربعاء في الساعة الحادية عشر منه (١) ، وفيها تلاقى معه بداره بعد أن ركبنا في الأكداش ، وتوجهنا معه ، فوجدنا فئة عظيمة من العسكر رجلية بباب داره ، فحين رأونا تكلمت الموسيقا على العادة ، وحين تلاقى به كنا نحن وراءه بقرب منه ، فظهر منه فرح كبير وسرور عظيم بقدومنا عليهم لبلدهم ، وجرى بينهما كلام بما يناسب الحال. وأخبر أنه يحب المغرب وأهله ، ولأنه كان فيما سلف في تفيلالت ، وأقام بها خمسة أشهر (٢) ، وأحسن معه أهلها غاية الإحسان ، فلذلك يحب الغرب وأهله ، وأنه يرجو الله أن لا يموت حتى يرده إلى الغرب ، لأنه يحن إليه ، فقال له الباشدور إنه لرجل عاقل ، ومن تمام عقله حسن معاشرته مع أهل /١٥٩/ تفيلالت ، حتى أقام فيها تلك المدة ورجع بسلام. ثم ودعه فأخذ نائبه الذي تقدم ذكره يمشي قدامه ، وهو مواجه له أدبا معه حتى وصل إلى الباب فودعه بأدب كبير ورجع.
بعض أوصاف هذه المدينة
وفي مساء ذلك اليوم ، ركبنا في الأكداش وخرجنا نطوف بناحية من نواحي البلد ، فوجدناهم مشتغلين بكنس الطرق والرش أيضا ، وسرنا حتى انتهينا إلى طرف
__________________
(١) نظرا لعياء السفير لم يغادر شقته طيلة يوم الثلاثاء ، حتى يوم الأربعاء ٢٨ يونيو سنة ١٨٧٦ م ، توجه لاستقبال وزير الخارجية صحبة القنصل دالوان ، وبعد نصف ساعة قام الكونت Lyn D\'AsPremoneـ denرفقة مدير ديوانه برد الزيارة لمحمد الزبيدي. (نفس المرجع السابق).
(٢) لقد سبق للسفير البلجيكي دالوان أن قام برحلة استطلاعية إلى الجنوب المغربي نشرت نتائجها سنة ١٨٥٥ م. وكانت بلجيكا ترغب في الحصول على «موضع قدم» بالساحل الجنوبي من أجل أن يكون مكان استراحة يربط بلجيكا بالكونغو ، وقد كلف دالوان بزيارة العاهل المغربي في يونيو سنة ١٨٧٩ م بمعسكره قرب الرباط لمعرفة موقفه من ذلك. كما كلف السفيرWhetnall بتقديم طلب الحصول على موضع قدم في وادي الشبيكة على الأطلسي في بداية ١٨٨٨ م.