كله. وبعض المواضع التي بوسط المدينة وجدناه مغروسا كأنه غاية. وقد أحيط بها قضبان حديد قائمة على رؤوسها كالحربات مذهبة ، وهي متقاربة بين كل قضيبين أقل من نصف شبر ، وقضبان أخر ممتدة مقاطعة لها ، قد أحكم وصل بعضها ببعض ، حتى صارت هذه القضبان زربا لتلك الغابة لا يدخل لها إلا من أبوابها المصنوعة فيها. وقد امتد مع هذا الزرب وداخله أشجار صغيرة ، وهي في غاية الاستواء ، لا اعوجاج فيها ، وقد نقيت من أصولها إلى حيث أخذت /١٦١/ الفروع في الانتشار ، فتركوها تنتشر ، لكن من محل واحد ، بعدها من الأرض بقدر متحد ، وبين كل شجرتين نحو ثمان خطى. فحين طالت الفروع السفلية الأولى قرن ما بين بعضها ببعض ، وكذلك ما فوقها حتى التأمت الفروع من أعلا الأشجار وبقيت الأصول متجردة. وامتدت على هذه الحالة كامتداد قضبان الحديد على المثال بالطرة (١). ويا لها من نظرة هناك ما أجملها ، ومسرة ما أجلها. وهذه البقاع بداخلها شوالي موضوعة ، وقد تتخذ للفرجات وغيرها. وهذا المحل قريب من دار كبير دولتهم ، وهو مباح يدخله من شاء. وحين رجعنا إلى محل نزولنا تذاكرنا في كبر هذه المدينة فألقيناها كبيرة في رؤية العين. وطلبت من الترجمان أن يبين لي كم متر في طولها وعرضها ، فوعدني بأنه يأتيني بورقة هيئتها ، لأن من عادتهم طبع هيئة البلد في ورقات (٢) لا تكاد تحصى ، يدفعون كل ورقة لمن ينزل في منزل منها من البرانيين ، ويرقم فيها جميع ما يحتاجه ، بحيث يكون فيها كل ما يريد أن يسأل عنه ، لا من الأماكن ولا من أكريتها ، وبيان المواضع والطرق الموصلة إليها ، وعدد البابورات التي تخرج منها ، وفي أي وقت ليلا ونهارا ، ومقدار الكراء بحسب السكة وغير ذلك من ضروريات التجارة. وعند إتيانه بهذه الورقة وبسطه لحالها لنا. نرجع إلى /١٦٢/ تمام الكلام على البلد بحول الله.
__________________
(١) رسمين توضيحيين من إنشاء الجعيدي : (أ) مثال الأشجار المتناسقة. (ب) مثال الزرب الحديدي.
(انظر ملحق الرسوم والصور صفحة ٧).
(٢) يقصد رسم أو دليل ابروكسيل ، الذي يرشد السائح لما قد يحتاجه من معلومات أو عناوين أو غير ذلك ، أثناء إقامته بها ، ويكون مدعما بالصور والرسوم والبيانات.