ما رأيناه في ساقية الماء الجاري في البلد
وفي يوم الجمعة (١) بعد صلاة الظهر توجهنا لدار عامل البلد بعد ما استدعانا لذلك ، فحين دخلنا لاسطوان داره وجدنا فيه ساقية مربعة على قدر طول الاسطوان ، وطوله يقرب من ثلاثين خطوة ، وعرضها نحو ذراع واحد ، وغرقها نحو عشرين خطوة ، والماء يجري من تحت الاسطوان بين قوسين عظيمين ، قطر كل قوس إحدى عشرة ، خطوة. وليس هو قطرا حقيقيا وإنما هو خط وصل بي طرفي قوس دائرة أقل من نصفها ، كقطعتي قوسي دائرة شكل البيضة الممتدين مع طولها ، وقد جعل دفتين عظيمتين بين ساريتي كل قوس نازلة من أصل القوس إلى الماء ، حاصرة له بحيث لا يخرج من تحتها إلا القدر المطلوب ، فإذا أرادوا كنس الساقية يحرك ناعورة مركبة في آلة حديد بالاسطوان. فترتفع الدفتان إلى أعلا فيمر /٢٠٨/ الماء بسرعة بما تحته من التراب والعفونات ، ثم إنه نزل بنا من الاسطوان إلى أسفل بنحو ثلاثين درجة ، فانتهينا إلى ساقية عظيمة ، عرضها نحو عشر خطوات ، وهي مقببة بناء في غاية الإتقان والإحكام. ووجدنا بابور النار منصوبا على مصطبتين مارتين مع الساقية والقوس محيط بها. فركبنا في هذا البابور ، وأوتي بفنار في داخله قضيب قيل من الهند ، لكن في وسطه شيء يضيء ويخرج منه شعاع كشعاع الشمس ، لا يستطيع أحد النظر إليه ، وبه استضاءت الساقية. ثم تحرك البابور ، وكان في طرفه وراءنا كير عظيم ، يخرج منه ريح كثير عند مروره في هذه الساقية على المسطبتين المذكورتين ، والماء جار تحت البابور ، بينه وبين الماء بعد كبير. فسار البابور بنا في هذه الساقية بالضوء والريح المذكورين ميلين. فكنا نرى في بعض المواضع في القوس عن اليمين واليسار فرجا نافذة ـ والله أعلم ـ إلى وجه الأرض بسبب الضوء النازل منها. وهذه الساقية تارة تنعطف يمينا وتارة يسارا ، وعند الانعطاف يجدب رجلان البابور إلى جهة الانعطاف ، ليلا يسقط في الماء. وانتهى بنا في سيرنا إلى محل عن يسار الساقية إلى قوس ، دخلنا فيه فوجدنا قوسين عظيمين مقبيين ، وهما متصلان
__________________
(١) ٧ يوليوز سنة ١٨٧٦ م.