وبعضه في حواشي ثياب الحرير ارتفاعا وانخفاضا ، فهي بمثابة الجنة ، وهو منها بمواضع بمثابة القصور ، وأما الشقي منه فهو كالأسير في طبقات اللظي والسعير ، يطل لسان حاله الإنقاذ من محنه وأهواله ، ولم تزل تلك القبة تملأ وتفرغ ، وكل من دخل إليها يمر علينا واحدا بعد واحد. ورأينا في نسائهم حياء كبيرا لأنهم يرفعن إلينا من بعد ، فإذا قربن ووقع بصرنا على إحداهن نكست بصرها إلى الأرض ، وغالبهن على هذه الحالة ، وبقينا هناك نحو ساعيتن ، وشربنا هناك أشربة ماء ورجعنا ليلا.
الدار التي فيها صور الآدميين والخروج لدار العلماء
وفي يوم الجمعة الثامن والعشرين (١) منه ، توجهنا لدار بها تصاوير آدميين (٢) ، ذوات أجسام واقفة على الأرجل غير مستندة إلى شيء ، قد لبست كساوي من كساويهم التي كانوا يلبسونها ورؤوسهم مكشوفة ، وشعرها مفروق على عادتهم ، ومنهم المقلد بسيفه ونيشانه وحمالته. وعلى ذلك من الديمانط والأحجار النفيسة شيء كثير ، وعند دخولنا إلى هذه القبة ورؤيتنا لهؤلاء الصور واقفة وكثرة الضوء والناس الذين هناك صرنا لا نميز بين الصور والأحياء /٢٣٧/ إلا بالحركة وعدمها ، بل رأينا رجلا جالسا على شليته وهو يلتفت برأسه يمينا ويسارا. وصورة امرأة مريضة في حالة النزع قد غمضت عيناها ، وفي عنقها سلسلة رقيقة ، وهي ترتفع وتنخفض شيئا ما ، كأن النفس الباقي بها يفعل بها ذلك ، ووجدنا في بساط صورة رجل ملقى على
__________________
(١) ٢١ يوليوز سنة ١٨٧٦ م.
(٢) يقصد معرض السيدة توسود Toussand\'s Madameالذي وصفه كذلك الكاتب الغسال في رحلته العزيزية سنة ١٩٠٢ م.«... وتوجهنا لدار تسمى عندهم مدار طوس متخذة عندهم لوضع صور الملوك والوزراء والحكام الأقدمين من دولة الأنجليز ... وكل صورة من تلك التماثيل في غاية الإتقان والتشخيص مصنوعة من الشمع وغيره حتى يتوهم الرائي أنها أحياء ... وفي الطبقة السفلى من هذه الدار تماثيل من الرجال والنساء الذي اقتص منهم بجرائم ارتكبوها ...».