القبة الآتي ذكرها ساريتان من رخام مربعتان رقيقتان نحو نصف ذراع أو أقل ، وطولهما نحو ذراعين. وبينهما نحو ذراعين كذلك. ومد عليهما سارية أخرى مثلهما من رخام ، في وسطها أنبوب رقيق يخرج منه الماء إلى ذلك الصهريج ، وعلى هذا الصحن قبة بلار أيضا ، وهذا الصحن يحيط به بيوت صغيرة كالبناديق كأنها مدرسة ، ثم يقابل هذا الصحن قبة مربعة بينهما مدخل مربع ، سقفهما من العود سقف سما ، والقبة مربعة نحو خمسة وعشرين ذراعا طولا وعرضا ، ومع ذلك فيها ثلاث صفوف سواري رخام ، في كل صف سبع سوار.
ثم خرجنا من هذا الصحن إلى صحن آخر مربع ، فيه نبحان متقابلان ، في كل نبح أربع سوار مذهبة. اثنتان حيطيتان وثنتان في الوسط عليها ثلاث قسى مورقة توريقا بديعا مموها ذهبا ، وبجدرانه حيطي من الزلايج كزليج فاس ، إلا أن ألوان زليج فاس أفضل من تلك الألوان ، طول هذا الحيطي نحو أربعة أذرع ، والجداران الباقيان اللذان لا نبح قدامهما بني فيها أبواب ، عليها قسى ذات الشوكة كالحناية في بيوت الغرب ، وقد بني ما فوق قوسها بالمقربس الرقيق البديع ، وعمر بالتذهيب والزنجفور ، وجعل داخل كل باب في وسطه ساريتان ، عليهما ثلاث قسى فوقها المقربس كذلك إلى تلك الحناية. وفي هذا الجدار الخارجي ثلاث حنايات على هذه الصفة ، بين كل ثنتين مقدار ستة أذرع ، فقد نقش فيها كنقش الجباصة ، مثل مدارس فاس وقبب دور المخزن ، وكتب فيها بقلم عربي «لا غالب إلا الله» بين النقش والتوريق ، وامتدت الجدران كذلك طولا وعلوا ، وعمر هذا النقش بالتذهيب والزنجفور ، وجعل متصلا بهذا الصحن قبة مربعة نحو اثني عشر ذراعا طولا وعرضا ، وقبتها مستديرة شكل نصف بيضة بالمقربس الرفيع المموه كما ذكر ، وجداراتها نقشت نقش الجبص كما تقدم. وكتب فيها اسم الجلالة (١) دائرة مع الجدران طولا وعلوا ، هذه / القبة
__________________
(١) نفس المسجد تعرف عليه بدار البلار الكاتب الطاهر الفاسي ، فتدمر من بعض المشاهد التي عكسها في رحلته الإبريزية. «... ووجدنا بعض القباب مكتوبا في أرضها (لا غالب إلا الله) فساءنا ذلك غاية ، وكلمنا بعض عظماء الدولة كان حاضرا هناك ، فأجابنا بأنه يكلم الدولة ويزال من هنالك ، وقال أن الدولة لا تحب ذلك ، أعني بقاء الكتابة هناك بالأرض تطاها الأقدام ، وزعموا أيضا أنه نقلوا صورته كذلك من الأندلس ...».