محترمة عندهم لا يدخلها أحد ، على بابها مجدول حرير ممتد بين خدي مدخلها علامة على عدم الدخول إليها.
ثم خرجنا منه فوجدت الباشدور تقدم مع بعض الرفقاء ، وعند خروجي التفت فوجدت جدار هذا المسجد امتداده نحو مائة خطوة ، وقد نقش الجبص والتمويه كما ذكر ، فبينما أنا أتأمل ذلك وأقيد ما أراه إذ قدم علي ثلاثة أناس على رؤوسهم طرابيش حمر ، وبقية لباسهم كلباس الروم. فحيوا بالسلام بلسان فصيح ، فرددت عليهم وسألتهم من أي بلدهم ، فقال أحدهم إنه مراكشي وقال الآخران إنهما من سوس الأقصى ، فقلت وما تفعلون هاهنا فقالوا قد ألقت بهم الأقدار إلى هذه الديار ، وأنهم حين سمعوا بباشدور الغرب بباريس كانوا عزموا على القدوم عليه بقصد صلة الرحم معه ، فقيل لهم إنه بصدد القدوم إلى اللوندريز ، وأن هذا اليوم عندهم كعيد من أعيادهم حين منّ الله عليهم برؤية الباشدور وأصحابه ، وفهمت من حالهم أنهم يقصدون ويأملون منه المواساة ، حيث سمعوا به يواسي الفقراء (١) في كل بلد ، فقلت لهم سوف نخبره بحالكم بحول الله فسروا بذلك ، ثم ودعتهم.
الرجل الذي يغوص بصهريج الماء وكشف الحيلة في ذلك
ولحقت بالباشدور ، فوجدتهم داخلين لبيت صغير فيه صهريج من عود كالصندوق ، طوله أزيد من قامتين ، وعلوه كذلك ، وعرضه أزيد من قامة ، وهو مملوء ماء ، وفي وسط غاربه أي عرضه كوة عليها ورقة بلار قد سدت بها ، ورأينا رجلا واقفا في وسط الماء والماء فوقه بأزيد من قامة أخرى ، وهو لابس (٢) كبوطا وسروالا لعلهما
__________________
(١) لأول مرة نجد إشارة عابرة عند الجعيدي لما كان يقدمه السفير الزبيدي من تبرعات وهبات لبعض الملاجئ ودور الإحسان ، وفي هذا الإطار توصل الزبيدي برسالة شكر من اللورد دربي لتقديمه ٦٠٠ ليبرات كهدية على العميان الفقراء الذين يعالجون بمستشفيات لندن. ووصلت قيمة ما تبرع به السفير في بلاد أنجلترا إلى ١٠٠٠ ابرات. (الإتحاف ج ٢ : ٢٠٣).
(٢) انظر شرحها في الملحق : ٣.