وقطره شبر ونصف ، مملوء بالضوبل المستدير ، قيل في كل واحد ألفان من الضوبلي ، ثم وجدنا في خزين آخر مثل سارية مجوفة محددة الرأسين ، طولها نحو ستة أذرع ، وفيها حوتة كحوتة الفلك التي تستقر عليها ، وقد ملئ نحو ربعها بارودا ، وضوبلي من جهة رأسها المحدد المخروط ، وباقيها فارغ ، وبذنبها أرياش تسير بها ، قيل إنها ترسل في البحر عند محاربتهم مع بعض الأجناس إلى البابور الذي يريدون رميه بها بعمل هندسي ، فتسير في داخل الماء قاصدة ذلك البابور لا تخطئه. وعند مصادمتها له يدخل رأسها فيه ، فيشتعل ذلك البارود في جوف البابور كأنه مينة ، فيكون ذلك سبب هلاكه وهلاك من فيه ، ولا يمكنهم من ذلك فرار ، بل هناك قبرهم إلى دار القرار ، هذا مع إرسال حوتة واحدة فكيف إذا أرسل منها عدد كثير ، وقيل هذا من مخترعات حكماء الأنجليز التي لم يسبق إليها ، وأنها ليست موجودة عند غيره من الأجناس.
كيفية خدمة الخفيف
ثم دخلنا إلى محل آخر يخدمون فيه الخفيف (١) الذي يركب مع البارود في عمارة المكاحيل ، فوجدنا طناجير عظيمة توقد النار تحتها وهي مملوءة خفيفا مذابا ، ويرمي فيها بارات منه عظيمة في تلط الطناجير ، وبأسفل كل طنجير قادوس ، يخرج /٢٦٧/ منه الخفيف المذاب ، ويجري في ساقية على وجه الأرض ، ويمر في قواديس من حديد ، وترتفع في باطن طناجير أخر قبالة تلك الطناجير ، غير أنها مغطاة ، وفي وسط الغطاء ثقب يخرج منه قضيب من الخفيف ، فيمسكه رجل بيده ، بعدما يجعل بيده خرقا من ثياب ، ويجذبه ويركبه فوق حرف ناعورة ، وتأخذ تلك الناعورة في الدوران ، وذلك القضيب يلتوي على حرفها حتى يملأ حرفها المجوف ، فترفع ويوتي بأخرى
__________________
(١) هو الرصاص قيمنا وابتعادا من اسمه الأصلي ، لأنه يوحي بمعنى الثقل والضرر ونجد هذا التبديل عند المغاربة في كلمات كثيرة ، فمنهم من يسمي صلاة العصر «الساهل» (أي السهل) لأن لفظة العصر تشبه في النطق العسر ، وكذلك الفحم «الفاخر».