وذلك مما يقوى سيرها عند خروجها من المدفع ، وهذا الكور الذي يخدم كما ذكر هو على عينات في الصغر والكبر ، ثم يرفع إلى مكينات تصفيته وثقبه بالمخرطة ، ثم وجدنا أناسا يعمرون الكور الصغير في الصناديق ، ثم آخرين يملأون زنابيل بالخفيف ، في كل واحد منه مائتان وأربع وثلاثون خفيفة ، ويصبون عليها الرجينة مذابة.
كيفية صنع المدافع العظام
ثم وجدنا أناسا في مكينة يصنعون المدافع العظام (١) ، وأصلها ألواح من التخليطة، يتخذون ستة ألواح أو سبعة ، طول كل لوحة نحو ثلاثة أذرع ونصف ، وعرضها أقل من نصف شبر، وغلظها نحو أصبع ، ويدخلون هذه الألواح لبيت النار بعد ما تصفى، ويجعل لوحة فوق أخرى ، ثم يخرجونها ويجعلون رأسها بين ساريتين منصوبتين من حديد ، قد حفر فيهما حفر مربعة متفاضلة في الكبر والصغر، يجعلونها أولا في الكبرى ، ثم تدور الساريتان على تلك الألواح وتخرج من تحتها ، وقد التأم بعضها ببعض ، وصارت قطعة واحدة أطول وأرق مما كانت ، ثم يخرجونها من باقي الحفر المذكورة واحدة بعد واحدة ، وهي بين ذلك ترق وتطول حتى يصير غلظها مثل غلظ جرم المدفع الذي يريدون صنعه منها ، وتصير بارة طولها نحو عشرة أذرع ، وتربيعها نحو ثمن ذراع ، ويصنعون بارات كثيرة مثلها ، ثم ينصبون هذه البارات في بيت نار طويل ويصلون بين أطراف البارات ، ولم أقف على كيفية الوصل ، وإنما وقفنا برأس بيت النار فوجدنا سارية أيضا ، /٢٦٩/ منصوبة بمنتهى رأس بيت النار ، ورأس البارة خارج بيت النار ، بحيث وصل إلى السارية ، رفعوا رأس البارة وسمروه في السارية ، والماء يصب عليه حالة تسميره صبا قويا. ومع توالي صبه يبقى رأس البارة أحمر كأنه
__________________
(١) اهتم الجعيدي بصناعة سلاح المدفعية ، ذلك لما اكتسبته من فعالية عسكرية كبيرة ، في معظم الحروب التي عرفتها أوربا خلال القرن ١٩ م ، فبفضلها استطاع السلطان الحسن الأول أن يخرج منتصرا في كل المعارك أو حركات الجنوب ، وبفضلها كذلك استطاع أن يركز السلطة المركزية في الأطلس والريف ، وبفضل هيبتها اكتسب حركاته طابع النصر حتى التي لم تقع فيها أي معركة.