لم يمسه ماء. والعلة فيه ـ والله أعلم ـ لصلابة رأس البارة وتقويته وبقائه مسمرا في السارية ، لأنه لو لم يصب عليه الماء لتخرم الثقب الذي برأس البارة لليونته عند خروجه من بيت النار ، مع ثقل البارة الخارجية ، ويخرج البارة ودوران تلك السارية تصير البارة تلتوي عليها حتى تخرج البارة كلها. وقد التوت على تلك السارية ، ثم ينزعون السارية من البارة الملتوية فيبقى بين اللّي فرج ، ثم يدخلونها لبيت النار أيضا وتبقى به ، فإذا مضت المدة التي يستحق بقاؤه ببيت النار فيها يخرجون تلك البارة الملتوية ، ويقفونها تحت مزبرة بين جدارين من حديد ، ويرسلون عليها جرما مربعا من حديد ، ويصير يرتفع وينزل على البارة الملتوية ذو الماء ينزل عليه كالمطر (١) ذفتلتئم لياتها وتصير كأنها ذات واحدة ، ثم يجعلون في وسطها قطعة من حديد مستديرة ، ويرسلون عليه ذلك الجرم المذكور ، فيقوص في باطن تلك الليات ، ثم يقلبونها ويرسلونه عليها أيضا فيخرج وتصير تلك البارة قطعة من مدفع (٢) ، أما خزنته أو وسطه أو عنقه ، لأنهم يصنعون المدفع يومئذ على ثلاث قطع ، فالخزنة أعظمها ، ووسطه دونها وعنقه أرقها ، والبريمة واحدة ، وذلك الجرم الذي يرسلونه كما ميزانه كما قيل ثمانون طنا ، أي مائة وستون قنطارا.
وصف هذا المدفع
ثم وجدنا مدفعا عظيما طوله سبع يارضات ، ودور خزنته ست يارضات ، وفورمته
__________________
(١) طرة أدرجتها في مكانها بين نجمتين* ...*.
(٢) طلب السفير الزبيدي شراء بعض المدافع الأنجليزية غير أن المغرب واجه عدة مشاكل من جراء ذلك بسبب الزيادة التي طرأت على الأثمان من جهة ، وبسبب الريع أي الفائدة التي زيدت على الثمن الأصلي للبطئ في الأداء وأغلاط أخرى يدعى الزبيدي أنها غلط من طرف انجليز ، وذلك بأنهم لم يحدد لهم مكان لإنزالها ويتكلم عن زيادة السكة. انظر نص الرسالة السلطانية إلى الزبيدي «الجيش المغربي وتطوره في القرن التاسع عشر» ، د. د. ع ، برادة ثريا ، الصفحة ٢٨١ ، كلية الآداب بالرباط.