عجيبة على عادتهم ، وعبرنا على قناطر عديدة على ذلك الوادي ، ورجعنا إلى نزولنا بعد ما غربت الشمس.
فابريكات خدمة الحرير والديباج به
وفي يوم السبت الواحد والعشرين منه (١) توجه بنا الترجمان (٢) المذكور في ضحاه إلى دار فيها فابريكة صبغ الحرير الأسود فقط ، فوجدنا فيها صناديق من عود مجلدة بالنحاس معمرة بماء الصباغة ، ومدجات الحرير تجعل على أعواد وترسل في ذلك الماء وتنصب /٢٨٠/ على حرفي الصندوق طولا ، ورأينا صندوقا ينصب فيه ماء الصباغة من جعبة طويلة قطر دورها يقرب من ربع ذراع. وذكر أن هذه الدار تصبغ خمسمائة ألف كيلو في السنة، وأن فيها ثمانمائة من الخدمة.
وبعد صلاة الظهر توجهنا إلى بعض فابريكات صنع الديباج والحرير ، وتوجه معنا عامل البلد ، وعند دخولنا إليها وجدنا أولا رجلا قدامه منسج وهو ينسج فيه بوضربة من الحرير الأحمر والأخضر من العينة التي تأتي للغرب ، وما يرى في بوضربة وغيره من التوريق والتشجير ، ينسجونه في خيوط ويلفونه فيها ، ويركبونها فوق المنسج في لوحة تمسك فيها وترسل إلى أسفل ، وتمر بين خيوط السدا التي ينسج فيها وتخرج منها حتى تقرب إلى الأرض ، فيربطون بطرف كل خيط كالخيط من الرصاص ليبقى نزول كل خيط مستقيما من السدا إلى الأرض ، وأما بقية كل خيط من فوق السدا
__________________
(١) ١٢ غشت سنة ١٨٧٦ م.
(٢) Soheffer الذي قال عنه الأديب العمراوي في تحفته» ... ولهذا الترجمان معرفة بكثير من علوم المسلمين ، ويكتب بالخط المشرقي في كتابة جيدة ويحفظ أشعار عربية ونوادر أدبية ، ويستحضر الآيات والأحاديث والقصص وتواريخ الأمم الماضية ... فإنه يعرف اللسان العربي والفارسي والتركي وجميع ألسنة النصارى ... مع ذلك كله فليس على أدبه طلاوة ولا في ألفاظه حلاوة فعلى كل أقواله ينزل المقت ... وكنا نتلمح في عينيه بغض المسلمين أكثر من غيره ... ولعل ذلك من اطلاعه على كتبنا ...».