مدينة عظيم الدولة ، وما بين هاتين المدينتين جله من جهة مضان ، جبال شاهقة مرتفعة في الهواء تطاول السحاب طولا وتجاوزه وصولا وعلى رؤوسها من الثلج عمائم لا يزال حتى في أيام السمائم (١) ، فكان البابور يمر بنا في مواضع ضيقة بين تلك الجبال وقد شمخت بالفضاء والتوسعة في ذلك المجال ، وتارة تعارضنا الجبال الشاهقة ، فيمر البابور تحتها حتى لا يدري من الجهات الغاربة من الشارقة ، فمنها ما يطول سيره تحتها نحو ثلاثين دقيقة ، ومنها ما هو أقل من ذلك ، وتارة يتلاقى بابوران تحت تلك الجبال فيمر كل على طريقه /٢٨٧/ فتحدث أصواتا مرهبة ، والعربات تمر كالبرق باختلاف حركتيها بين مقبلة ومدبرة ، وحين قربنا من مدينة طورين المذكورة ، تركنا تلك الجبال وراءا وخرجنا إلى التوسعة والفضاء ، فوجدنا هناك بساتين وأنهارا ومزارع وأشجارا ، واتصل ذلك في الجهتين إلى أن وصلنا إلى تلك الديار.
الدخول إلى طورين
وكان وصولنا إليها أي مدينة طورين في الساعة الثامنة وخمسين دقيقة من يوم الأحد (٢) المذكور ، وتلقى هناك للباشدور عامل تلك البلد وشيخها والجلنار ، بالفرح والبرور والتعظيم والسرور ، وذكروا أنهم مامورون من قبل أمير الدولة بالوقوف معه والبرور به والتوسعة عليه وعلى من معه وتنفيد جميع ما يحتاج إليه من الضروريات والمقضيات ، اعتناء بجانب مولانا الشريف واهتماما بشأنه المعظم ، فجازاهم الباشدور عن ذلك بلين الكلام ، ثم ركبنا في الأكداش ودخلنا البلدة المذكورة ، أنزلونا بأوطيل (٣) معتبر ، فيه فرش عديدة وكنابيس وشوالي من الموبر والحرير ، وكانت على أيدينا فيه قبب عديدة ، كل قبة مخالفة للأخرى في الهيئة والزخاريف والفرش ،
__________________
(١) مفردها السموم وهي الريح الحارة تهب أواسط فصل الصيف (المنجد).
(٢) ١٣ غشت سنة ١٨٧٦ م.
(٣) فندق Albergo D\'EuroPa.
M. D. R. A. E. I) ARCH. STOR. DIPL (Roma.