بالإذن لهم بالطلوع للقبة الكبيرة ، لأنه ينبغي الاعتناء بهم كما ذكر ، فأذن بذلك فطلعوا وطلع معهم جماعة من النسوة اللواتي كن جالسات في براح الدار ، وأخذ كل واحد من المعلمين موضعه وأخذت النساء مواضعهن من تلك القبة ، وصاروا يخدمون بتلك الآلات بنغم مستعذبة تشبه النغم التونسية ، وصار خدمة هذه الدار يتواردون بموائد الحلواء والثلج والأشربة الطيبة الملونة ، ويطوفون بذلك على الجالسين واحدا بعد واحد ، ممن كانت له شهوة في شيء من تلك الأطعمة والأشربة فأخذ منها ما أحب ومن لم تكن له شهوة في شيء منها يشير لصاحب المائدة إشارة من لا غرض له فيها ، فيمر وهكذا ضيافتهم وإكرامهم في هذه البلدة وفي غيرها فيما شاهدناه في بعض بلاد الروم ، وبقي أصحاب الطرب في تلك القبة نحو ساعتين وانفصل ذلك وخرجوا شاكرين إحسان الباشدور وجزيل إنعامه.
الفرجة التي أنشأت إكراما للباشدور وفرجة الطياطرو
وفي ليلة الثلاثاء فاتح شعبان (١) المعظم ، أتى القونصوا بالأكداش وطلب من الباشدور التوجه هو ورفقاؤه إلى فرجة أنشأها المخزن إكراما وفرحا بقدومكم ، فركبنا الأكداش وتوجهت بنا إلى براح متسع قرب ذلك البرج (٢) الذي تقدم وصفه ، فوجدنا هناك خلقا كثيرا وجماعات /٣٠٣/ من أصحاب الموسيقا متفرقين كل جماعة في موضع ، وكلما مررنا بجماعة منهم أو بقربهم اشتغلوا بخدمة الموسيقا إعلانا بالفرح والتعظيم ، حتى قربنا من ذلك البرج المذكور ، ووقفنا هناك فاشتغل أصحاب الموسيقا بخذمتها في كل موضع ، وكانت عندهم قناديل كالحسك موضوعة في فرج بجدار ذاك البرج ، في الجهة المقابلة لنا وفي الاسطوانات الموصلة إلى داخل ذلك البرج ، وفي مواضع قدامها وكنا نرى ذلك المحل مظلما غاية ، فحين وقفنا في ذلك المحل
__________________
(١) ٢٢ غشت سنة ١٨٧٦ م.
(٢) ساحة مدرج كوليسيوPlazza Del Colosseo.