يسيرا ثم نهضنا للرجوع ، فأخذ الناس قاطبة في التصفيق كأنهم يطلبون زيادة الجلوس معهم ، ثم رجعنا إلى محل النزول وشكر الباشدور للترجمان صنيع أهل البلد في هذه الليلة ما دل على كمال محبتهم وتمام اعتنائهم.
قدوم أصحاب الطرب على الباشدور وكيفية خدمتهم
وفي ليلة الأربعاء الثاني من شعبان (١) ، قدمت جماعة كبيرة من أصحاب الطرب أيضا للدار التي نحن نازلون بها ، وعددهم خمسة وثلاثون رجلا ، وقيل ستة وثلاثون ، وهم ممن يخدمون بالطرنبطات (٢) على أشكال في الهيئة وفي الكبر والصغر وبالمزامير وغيرها ، ولم يكن الإذن لطلوعهم لتلك القبة لكثرتهم ، ولأنهم يخدمون واقفين يصنعون دائرة منهم ، بوقوف واحد قرب واحد مع انعطاف ما بقدر ما يقتضيه عددهم ، حتى يتصل آخرهم بأولهم كحلقة المداح ، وكل واحد منهم ينصب قدامه ثلاث أعمدة تجتمع رؤوسها قدامه ، فينصب على رأسها أعوادا رقاقا مربعة الشكل ليضع عليها الأوراق التي تبين له فيها خدمة طبائع الموسيقا التي يخدمون بها ، فإذا نصبت تلك الأعمدة قدامهم ووضعت الأرواق فوقها على أعوادها ، ووقدت لكل واحد شمعة قدامه ، فيتقدم واحد منهم ويقف في وسط الحلقة ، وينصب ثلاث أعمدة كذلك قدامه ، ويوقد له الضوء ويأخذ بيده قضيبا ويشتغل بالنقر به على رأس تلك الأعمدة نقرا خفيفا لا يسمع له أثر ، وإنما فيه إشارة ... (٣).
وصف مدينة رومة
/٣١٠/ ... متعددة ، منها ما هو مستقيم كالذي في وسطها ، ومنها المنحرف وهو ما
__________________
(١) ٢٣ غشت سنة ١٨٧٦ م.
(٢) مفردها ترومبيت آلة من آلات النفخ النحاسية من نوع البوق (دائرة المعارف الحديثة ، ج ١ : ٤٩٣).
(٣) الصفحات من / ٣٠٦ / إلى / ٣٠٩ / ببيضاء فارغة.