ناذرة من نواذر الزمان
ترشد إلى اتخاذ الحذر في بلاد الأمان
وذلك أننا لما رجعنا إلى مدينة طورين في يوم الجمعة الرابع شعبان (١) ، وبنفس وصولنا ووصول (٢) صناديق حوائجنا إلى محل النزول ، أذن الأمين الحازم الضابط الطالب السيد بناصر غنام أحد الخدمة بفتح الصندوق الذي فيه مال المخزن ، وذلك من حزنه كما هو دأبه مهما غاب عنه هنيئة ما يرجع ويفتحه ليطمئن خاطره ، /٣٣٧/ فحين أزال الخدام الذي كان شده ، القنبة التي كانت مشدودة عليه ، ورام الأمين فتح قفله بمفتاحه وجد القفل (٣) مفتوحا ، فرفع غطاءه وبحث عن الخنشة التي كانت فيه فلم يجد إلا محلها في وسطه فارغا ، فطار لبه واضطرب قلبه واعترته ألوان وتقصلت منه الشفتان ، فقلت هذا العارض الذي غيرك وأي شيء حدث فحيرك ، فقال : فقدت خنشة من المال على التمام والكمال ، فيها ألف لويز وضرب اليمين بالشمال ، فتكدرنا لذلك غاية الكدر مع أنه لم يكن منه تقصير في الحزم والحذر ، ومن العجب أنه كان بهذا الصندوق خنشة أخرى على وجهه مفتوحة فيها تسعون لويزا ، فوجدها بمحلها ، والتي كان مدفونة في وسطه لا زالت على شدها هي التي فقدها ، وكانت العادة (٤) مهما عزمنا على الخروج من بلد لأخرى ، يأتي نائب المخزن وتسلم إليه
__________________
(١) ٢٥ غشت سنة ١٨٧٦.
(٢) على الساعة ١١ يومه الجمعة اكتشف الأمين بناصر غنام سرقة كيس به ١٠٠٠ لويزة ذهب ، حوالي ٢٠ ألف ليرة إيطاليةNouva Torine بتاريخ ٢٦ غشت سنة ١٨٧٦ م.
(٣) أثناء سير القطار العائد من فلورنس إلى طورين ، فتح اللصوص الصندوق بمفاتيح مزورة ، ولم ينجحوا في إقفاله بنفس المفاتيح Corrire del Serra.
(٤) تدفع أمتعة السفارة عادة إلى ضابط الشرطة الذي يحملها من الفندق إلى رئيس محطة قطار فلورنس ليسلمها للمكلفين بالقطار الذاهب إلى طورين ، ومن بين هذه الأمتعة الصندوق الذي كان بداخله الكيس المسروق ، وبمحطة طورين استلمت الأمتعة الشرطة وحملتها إلى فندق إقامة السفارة المغربية. (نفس المصدر السابق).