ومن جملته الثلج ومكينته ناسب ذكرها هنا وبسط ما شاهدته من خدمتها /٣٥٠/ وكيفيتها. وفي الساعة العاشرة من يوم الأربعاء المذكو ، شرعت الفركاطة في السير قاصدة سمت ثغر طنجة المحروسة بعناية الله ، من غير تعريج لبلدة أخرى ، حيث تبين للرئيس أن الباشدور ليس عنده غرض في الجرنة ولا في غيرها ، وذلك بعدما استقر الباشدور في المحل المنتخب من القامرة ، وتعيين بقية بيوتها لأصحابه ولمن معه من المخازنية والخدمة. لكل واحد بيت يخصه ، ثم جدت في السير من ذلك الوقت ليلا ونهارا ، ونحن في عافية وبسط من فضل الله وسعادة مولانا المنصور بالله.
الوصول إلى مدينة طنجة
إلى يوم الاثنين الواحد والعشرين من شعبان ، وتبين أنه الثاني والعشرون (١) منه ، فأرست الفركاطة المذكورة بنا بمرسى طنجة في الساعة العاشرة منه ، فطلع منها إلى الباشدور التاجر الأخير الطالب السيد الحاج محمد باركاش (٢) لكونه أوجده الحال بها لغرض له هناك ، ومعه كاتب والده نائب مولانا المؤيد بالله الفقيه السيد الجلالي السلوي وغيرهما من الأعيان ، فعند ذلك تهيأ كبراء البحرية والرئيس ولبسوا ثيابهم الفاخرة المرصعة بالذهب ، وعلى كل واحد نيشان مرتبته ، وخرج الباشدور وودعوه وودعونا كذلك ، ونزل الباشدور إلى الفلك الأول وتبعناه في أثره ، ثم تعلق أولائك البحرية في درج قنانيب الفركاطة واحدا بعد واحد ، ونزعوا شماريرهم وصاحوا صيحة واحدة بصوت واحد ثلاث مرات ، وهم يشيرون بشماريرهم من رؤوسهم إلى أسفل،
__________________
(١) عادت السفارة المغربية على متن الباخرة الإيطالية Cavour Conteإلى مرسى طنجة يوم الاثنين ٢١ شعبان عام ١٢٩٣ ه الموافق ليوم ١١ شتمبر سنة ١٨٧٦ ، بخلاف ما ورد عند ابن زيدان بالإتحاف ، ج ٢ : أنهم وصلوا يوم ١٤ شعبان عام ١٢٩٣ ه الموافق ل ٤ شتمبر سنة ١٨٧٦ م ، وكذلك عند جاك كيلي (السفارات والبعثات المغربية إلى فرنسا : ١٨٤) يوم ١٦ شتمبر سنة ١٨٧٦ م.
(٢) محمد بن محمد بن عبد الرحمان بركاش ، ساهم إلى جانب والده في شراء السلاح الحديث للجيش المغربي وغير ذلك ، توفي قبل والده بأيام سنة ١٨٨٥ م (الحماية والاستيطان ، ح ١ : ٣٩٨).