(الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) ومعنى الآية بالكامل : من لم يجد من المال ما يمكنه من الزواج بحرة مؤمنة فله أن يتزوج أمة مؤمنة (وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) لا ينبغي لأحد أن يستنكف عن زواج امرأة للونها وعنصرها فالجميع من آدم ، وآدم من تراب ، أما الأكرم والأفخم فهو بعلم الله لا عند الناس (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ) لا يسوغ نكاح الإماء إلّا بإذن المالكين لهن ، ولا موضوع لهذه الآية في عصرنا حيث لا إماء ولا عبيد (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ) عفيفات غير زانيات بصورة علنية كالمومس (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) جمع خدن وهو الخليل ، تتخذه الفاجرة للزنا سرا لا علنا كالمومس التي لا ترد لامسا.
(فَإِذا أُحْصِنَ) أي تزوجت الإماء (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ) الزنا (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ) أي الحرائر غير المملوكات (مِنَ الْعَذابِ) وهو حد الزنا (ذلِكَ) إشارة إلى الزواج بالأمة (لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) أي لمن يخاف الزنا على نفسه لا لمن يملك نفسه (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) وفي شتى الأحوال الأفضل للإنسان والأكمل أن يكبح جماح شهوته الشيطانية سواء طمحت إلى الجنس أم إلى غيره.
٢٦ ـ (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) شرع سبحانه هذه الأحكام وغيرها لكي نستغني بالحلال عن الحرام وبالخير عن الآثام (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) وهم أهل البصائر والفضائل (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) أي بين سبحانه الأحكام لعباده كي يطيعوا ويتوبوا.
٢٧ ـ (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) أي توبوا وأطيعوا ، وعليه يكون هذا التكرار أشبه بقولك لولدك : اشتريت لك هذا الكتاب لتقرأه ، فاقرأه.
(وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) وتنطبق هذه الآية بوضوح على الإباحيين الدعاة إلى الفسق والفجور ، والكشف عن السيقان والصدور ، وإلى التحرر من الدين والأخلاق والإنسانية.
٢٨ ـ (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) أبدا ، ما شرع الله حكما واحدا فيه إرهاق وضرر ، كيف؟ ودينه يسر ، وحكمه عدل ، وشريعته تتسع للإنسانية كلها (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) ومن أجل هذا تتفق شريعة الله في سهولتها وسماحتها موافقة تامة مع فطرة الإنسان وطبيعته.
٢٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) كالربا والقمار والظلم والغش والسرقة ، وتقدم في الآية ١٨٨ من سورة البقرة (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) أموال التجارة وأرباحها حلال شرعا وعقلا وعرفا تماما كالصناعة والزراعة ، ولا تستقيم الحياة الّا بها ، على أن تنزه عن الربا والغش والاحتكار والإضرار. (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) لا يقتل بعضكم بعضا ، وأيضا لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.