(وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ) قال سبحانه : (آمَنُوا ... وَأَنْفَقُوا)» ومعنى هذا الربط والجمع بين الإيمان والإنفاق ، أن كلا منهما جزء متمم للآخر
٤٠ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) البخس والنقص من أجر المحسن تماما كالزيادة في عقاب المسيء ، كلاهما ظلم وهو محال في حقه تعالى (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) يزيد الثواب لمن أحسن ، ولا يعاقب المسيء بأكثر مما يستحق ، وقد يعفو.
٤١ ـ (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) يجمع سبحانه الناس غدا لنقاش الحساب ، وكل نبي يشهد على أمته أنه بلغها رسالة ربه (وَجِئْنا بِكَ) يا محمد (عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) وهؤلاء إشارة إلى المسلمين ، ويروى أن رسول الله فاضت عيناه بالدموع حين نزلت هذه الآية ، وإذا كانت هذه حال الشاهد فكيف بالمشهود عليه؟
٤٢ ـ (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) بعد الموت وقبل النشر والبعث كانوا جزءا من الأرض كما جاء في الأشعار وغيرها «ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد» ولما رأوا العذاب تمنوا لو بقوا كما كانوا هم والأرض سواء أي لم ينشروا ولم يبعثوا (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) كيف وألبستهم تشهد عليهم؟ أما ما جاء في سورة الأنعام على لسانهم (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) فالمراد أنهم لم يكونوا مشركين في اعتقادهم ، ويأتي التفصيل.
٤٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) السكر حرام محرم بالذات وفي شتى الحالات بالضرورة الدينية ، ولكن هذه الآية بعيدة كل البعد عن بيان حكمه تحريما أو تحليلا حيث يسوغ النهي عن مبطلات الصلاة حتى ولو كانت مباحة بالذات (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) قال الفقهاء : لا تصح الصلاة من الجنب ولا يسوغ له المكث في المسجد ، وله أن يمر به مستطرقا إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول الأعظم (ص). (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) من الجنابة ، وعندئذ تصح الصلاة مع سائر الشروط ، ويسوغ المكث في كل المساجد (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) وخفتم الضرر من استعمال الماء (أَوْ عَلى سَفَرٍ) اتفقت المذاهب الإسلامية على أن المسافر إذا لم يجد الماء يتيمم ويصلي ، وكذلك الحاضر غير المريض تماما كالمسافر ما عدا المذهب الحنفي فإنه اسقط الصلاة عن الحاضر إذا لم يجد الماء لأن الآية وردت في المسافر دون الحاضر ، وجوابه أن جواز التيمم في السفر لا يمنع من جوازه في الحضر إضافة إلى الإطلاقات الواردة في السنة (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) كناية عما يخرج من السبيلين حتى الريح (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) كناية عن الجماع (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) الصعيد الأرض والطيب الطاهر (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ) الباء للتبعيض أي بعض وجوهكم ، عند الإمامية من قصاص الشعر إلى طرف الأنف (وَأَيْدِيكُمْ) من الزندين إلى رؤوس الأصابع.
٤٤ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) حظا من علم التوراة ، وهم أحبار اليهود (يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ)