هو السبيل الوحيد إلى الفوز بثوابه والنجاة من عذابه (وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ) فلا مفر له من سلطانه ونيرانه.
١٧٣ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) ملأ سبحانه كتابه الكريم في التشويق والترغيب في عمل الخير والصالحات ، ووعد العامل بكل ما يهواه ويتطلع إليه وزيادة ، ذلك بأن الإنسان أناني بطبعه لا ينجذب إلا إلى الشيء الذي يشتهيه. سبحانك ربنا إنك العليم الحكيم (وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً) بالعدل ولا يظلم مثقال ذرة ، وقد يعفو.
١٧٤ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ) وأشار إليه بقوله سبحانه : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) وهو كتاب الله وسنة نبيه وسيرته ، ونحن لا نطلب من المنكرين إلا أن يتجردوا عن التقليد والتعصب ، ويدرسوا ذلك بإمعان وتدبر ، ويعملوا بوحي من إحساسهم وأعماقهم.
١٧٥ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ ...) فهم في رحمة الله وفضله دنيا بالتوفيق والهداية إلى الحق والصواب ، وفي الآخرة ملك دائم ونعيم قائم.
١٧٦ ـ (يَسْتَفْتُونَكَ) يا محمد في الكلالة (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) والمراد بها في الميراث قرابة الإنسان ما عدا الوالدين والأولاد (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) ولا واحد من الأبوين (وَلَهُ أُخْتٌ) والمراد بها هنا الأخت للأبوين أو للأب فقط حيث تقدم حكم الأخت للأم فقط في الآية ١٢ من هذه السورة (فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) بالفرض ، والنصف الثاني بالرد عند الشيعة الإمامية (وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) ذكر ولا أنثى ولا أحد الوالدين (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) أو أكثر ، شريطة أن يكون الانتساب بالأبوين أو الأب فقط لا بالأم فقط (فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) الموروث ذكرا كان أم أنثى (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) إذا اجتمع الأخوة والأخوات ، وكانوا بالكامل للأبوين أو للأب فقط فللذكر
____________________________________
الإعراب : (صِراطاً) مفعول ثان ل (يَهْدِيهِمْ) ، لأنها بمعنى يعرفهم. و (إِلَيْهِ) متعلق بمستقيم ، لا بيهديهم ، أو بمحذوف حالا من الصراط ، والمعنى يهديهم الله صراطا مؤديا اليه تعالى. (فِي الْكَلالَةِ) متعلق ب (يُفْتِيكُمْ) ، لا ب (يَسْتَفْتُونَكَ) كما قيل. و (امْرُؤٌ) فاعل لفعل محذوف أي ان هلك امرؤ هلك ، وهذا المحذوف لا يجوز ذكره وإظهاره ، لأن الموجود يغني عنه. وجملة (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) حال من ضمير (هَلَكَ). (وَلَهُ أُخْتٌ) أيضا الجملة حال. (وَهُوَ يَرِثُها) الجملة مستأنفة لا محل لها من الاعراب. واختلف المفسرون والنحاة في اعراب (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ). واعراب (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً) وسبب الاختلاف ان ألف (كانَتَا) ضمير يعود على (الْأُخْتَيْنِ) ، وواو (كانُوا) على الاخوة ، كما هو المفهوم من السياق ، وعلى هذا يكون المعنى فان كانت الأختين أختين ، أو الاثنتين اثنتين. وان كان الاخوة اخوة ... وليس من شك ان كلام القرآن منزه عن مثل هذا.