يضمرون ويفعلون.
١١٦ ـ ١١٧ ـ (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ولما ذا؟ الجواب : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) يحكمون بالتهمة ، ويجزمون باللمحة الخاطفة بلا بحث وأساس (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) يكذبون ويعدون أنفسهم مع الصادقين وبكلمة يكذبون على أنفسهم بأنفسهم. ولو لم يكن للإسلام وفي القرآن إلا هذه الآية لكفى بها دليلا على فضل الإسلام وعظمته حيث رفعت من شأن العلم ، وجعلت كلمته فوق كلمة أهل الأرض أن أخذوا بالجهل والوهم ، على عكس الأديان التي ترى نفسها فوق العلم والعقل.
١١٨ ـ (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) كان أهل الجاهلية يذكرون على ذبائحهم أسماء أصنامهم ، فنهى سبحانه عن ذلك ، وأمر أن يذكر اسمه دون سواه.
١١٩ ـ (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) يظهر أن هناك شبهة عرضت لبعض ، وهي كيف يمكن الجمع بين الذبح عن عمد وبين اسم الله ، فنبه سبحانه أن الحلال ما أحل الله ، والحرام ما حرمه ، وهو الذي أمر بذكر اسمه ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) ومن ذلك الميتة وما أهل لغير الله (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) من الميتة وغيرها ، لأن الضرورات تبيح المحظورات ، وتقدم نظيره في الآية ١٧٣ من البقرة (وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ) الناس ، فيحللون ويحرمون (بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) ولا هدى ولا كتاب منير.
١٢٠ ـ (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ) ارتكاب الحرام علنا (وَباطِنَهُ) ارتكابه سرا.
١٢١ ـ (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) الضمير في إنه يعود إلى مصدر الفعل أي الأكل ، والفسق المعصية ، ويكفي مجرد اسم الجلالة مثل الله أو الحمد لله أو باسم الله أو الله أكبر ، وأجمع فقهاء المذاهب ما عدا الشافعية على أن الذابح إذا ترك التسمية عامدا حرمت الذبيحة ، واختلفوا في ترك التسمية سهوا. فقال الجعفرية والحنفية والحنابلة لا تحرم الذبيحة (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ) المراد بالشياطين أبالسة الإنس ، كانوا يعلمون بعض أذنابهم أن يقولوا للمسلمين : كيف تأكلون الحيوان الذي ذبحتموه بأيديكم ، ولا تأكلون الحيوان الذي أماته الله! أليس قتيل الله أولى بالأكل من قتيلكم؟. فقال سبحانه لضعاف العقول من المسلمين : (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) أي من أحل أكل الميتة كما أحلها المشركون فهو في حكمهم.