الشخصية في أفعال الإنسان وما يختاره لنفسه ، بل يدعه وشأنه (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) ١٠ الليل».
١٢٧ ـ (لَهُمْ دارُ السَّلامِ) ضمير «لهم» يعود إلى الذين يسلكون الصراط المستقيم ، ودار السلام هي الجنة ، لأنها سالمة من كل آفة وبلية. (عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) كل من آمن بالله ، وعمل صالحا لوجه الله وقع أجره على الله ، وفاز بتوفيقه ورعايته.
١٢٨ ـ (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) أي الإنس والجن ، ويقول سبحانه : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) أي استكثرتم من تضليلهم وإغرائهم بالرذائل (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ) أي أن الإنس الذين أطاعوا الجن ، يقولون غدا (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ) انتفع الإنس بالجن حيث دلوهم على الشهوات ، وانتفع الجن بالإنس حيث أطاعوهم (وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) ما زال الكلام للإنس ، والمعنى أن استمتاع بعضنا ببعض كان إلى أجل معين في الحياة الدنيا ، والآن نحن بين يديك ، فاحكم بما تشاء (قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ) هذا هو الحكم الفصل والجزاء العدل.
١٢٩ ـ (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) المجرمون في الحياة الدنيا حلفاء متعاضدون ، وفي الآخرة شركاء في العذاب الأليم.
١٣٠ ـ (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ...) يقول سبحانه غدا لكل ضال ومجرم. لقد طغيت وبغيت عن علم وعمد وحذرت وزجرت ، فأعرضت ونأيت ، واليوم تجزى عذاب الهون بما سعيت وكسبت (قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا) ولكن بعد أن وضعت الأغلال في أعناقهم (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) وأعمتهم بزينتها عن الحساب والجزاء ، ولو عملوا فيها للآخرة لأحرزوا الحظين معا ، وملكوا الدارين جميعا.
١٣١ ـ (ذلِكَ) إشارة إلى إرسال الرسل مبشرين ومنذرين (أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ) أبدا لا جريمة بلا نص ولا عقاب إلا بعد البيان وإلقاء الحجة.
١٣٢ ـ (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) لكل حسب عمله كيفا لا كمّا ، فرب درهم ينفق في سبيل الله لوجه الله خير من مليون ينفق رياء أو توصلا لرياسة أو نيابة كالأموال التي تبذل على مشاريع الخير أيام الانتخابات.
____________________________________
الإعراب : (لَهُمْ دارُ السَّلامِ) مبتدأ وخبر ، وهو وليهم مثله ، و (عِنْدَ رَبِّهِمْ) تعلق بمحذوف حالا من الضمير في لهم.