١٦٥ ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) يخلف أهل العصر اللاحق أهل العصر السابق ، كلما مضى قرن خلفه قرن في انتظام واتساق إلى يوم يبعثون (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) في المؤهلات العلمية والعقلية والجسمية (لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) من مواهب ، هل تستعملونها في الاستغلال والاحتكار واختراع الأسلحة الجهنمية وإثارة النعرات الطائفية ، وما إلى ذلك من الفساد في الأرض ، أو في إنشاء المعامل والمصانع التي تنتج الغذاء والكساء والدواء ، وكل ما ينفع الناس بجهة من الجهات ويسد حاجة من حاجاتهم الضرورية أو الكمالية (إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ) بمن استغل وبغي ، وكفر وطغى (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) بمن أخلص وعمل صالحا وكف أذاه عن عيال الله.
سورة الأعراف
مكية وهي مائتان وستّ آيات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (المص) مضى الكلام عن حروف الهجاء في أول البقرة.
٢ ـ (كِتابٌ) هذا كتاب (أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يا محمد (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) ضيق من تبليغه بما تلاقيه من قوى الشر والضلال ، فالله معك وفي عونك (لِتُنْذِرَ بِهِ) الناس كل الناس ، ويسمى هذا الإنذار في عصرنا الراهن الثورة لقلب الأوضاع الفاسدة من الأساس ومن هنا جاء الضيق والحرج من الغوغاء والبوغاء (وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) أي لتثبيت المؤمنين بالفعل ولمن يريد الإيمان بالحق.
٣ ـ (اتَّبِعُوا) أيها الناس (ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) على قلب محمد ولسانه ، أمره تعالى أن يبلغ ، وأمر العباد أن يتبعوه ويطيعوه (وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) لأنه ليس دون الرسول والقرآن إلا الضلال.
٤ ـ (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) لأنها كذّبت المرسلين (فَجاءَها بَأْسُنا) عذابنا (بَياتاً) ليلا (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) مستريحون في الظهيرة.
٥ ـ (فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا) عند الأمان والاطمئنان يهتفون باسم الأصنام ، وعند الشدة والعذاب يدعون الرّحمن وينسون ما يشركون.
____________________________________
الإعراب : و (دَرَجاتٍ) مجرورة بإلى محذوفة. (كِتابٌ) خبر لبمتدأ محذوف ، أي هذا كتاب. (وَلِتُنْذِرَ) الفعل منصوب بأن مضمرة بعد اللام ، والمصدر المنسبك متعلق بأنزل ، (وَذِكْرى) عطف عليه. و (أَوْلِياءَ) مفعول تتبعوا ، ومن دونه متعلق بمحذوف حالا من أولياء. و (قَلِيلاً) صفة. لمفعول مطلق محذوف ، أي تذكرا قليلا ما تذكرون ، و (ما) حرف زائد يؤكد معنى القلة ، وتذكرون أي تتذكرون ، حذفت إحدى التائين للتخفيف.