(هذا بَصائِرُ) ودلائل من الله سبحانه تهدي عقول ذوي الضمائر إلى حياة أفضل وأكمل دنيا وآخرة.
٢٠٤ ـ (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) وتدبروا معانيه (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) روى الإمام علي (ع) عن النبي (ص) أنه قال : ستكون فتن من بعدي. فقال الإمام : فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال : المخرج كتاب الله ... هو حبل الله المتين ، ونوره المبين ، وهو الذكر الحكيم والصراط المستقيم الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا تتشعب معه الآراء ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يمله الأتقياء ، ولا يخلق على كثرة الترداد ... من عمل به سبق ، ومن قال به صدق ، ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.
٢٠٥ ـ (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ) أي أذكره عن علم وفهم لمعاني كلمات الجلال والكمال التي تحمده بها وتمجده (تَضَرُّعاً) متضرعا (وَخِيفَةً) خائفا (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) بصوت متوسط بين الجهر والإخفات ، ويروى أن وليا مر بمن يرفع صوته بالقرآن. فقال له : إن ربك غير أصم (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) صباحا ومساء وفي كل حين (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) عن ذكر الله وطاعته.
٢٠٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) وهم الذين لهم مكانة ومثوبة عنده تعالى سواء أكانوا من الإنس أم الملائكة (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) أي يتقربون إليه بكل ما أحب (وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) سجود الخاشعين المتقين ...
سورة الأنفال
مدنيّة هي وخمس سبعون وآية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) الخطاب لرسول الله (ص) والمراد بالأنفال هنا كل ما أخذ من دار المحاربين بلا قتال ، والأرض الموات ، ورؤوس الجبال ، وبطون الأودية والأحراج ، وميراث من لا وارث له (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) وما كان لله فحكمه لرسوله ، وما كان للرسول فحكمه لمن كان امتدادا له من بعده دينا وإيمانا وحرصا على الإسلام ومصالح المسلمين (فَاتَّقُوا اللهَ) ولا تحكموا بأهوائكم وآرائكم ، وعندكم كتاب الله وسنة نبيه (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) بالاتفاق كلمة واحدة ضد العدو المشترك. ثم حدد سبحانه المؤمنين المتقين بالصفات الاتية : (١) ـ :
____________________________________
الإعراب : (تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) مصدران في موضع الحال من واو فاستمعوا ، أي متضرعين وخائفين. ودون الجهر أي وأذكر ربك دون الجهر ، والجملة عطف على واذكر ربك في نفسك. و (بِالْغُدُوِّ) متعلق با ذكر.