٧٠ ـ (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ممن كان أطول منهم أعمارا ، وأعمر ديارا ، وأبعد آثارا (قَوْمِ نُوحٍ) أخذهم الطوفان (وَعادٍ) قوم هود ، أهلكوا بريح صرصر عاتية (وَثَمُودَ) قوم صالح ، أخذتهم الرجفة ، فأصبحوا في ديارهم جاثمين (وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ) عوقبوا بسلب النعمة (وَأَصْحابِ مَدْيَنَ) قوم شعيب أخذوا بعذاب الظلة (وَالْمُؤْتَفِكاتِ) قرى قوم لوط جعل عاليها سافلها ، وتقدم الكلام عن ذلك في سورة الأعراف (أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) فكفروا بها ، فأخذهم الله بذنوبهم.
٧١ ـ (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) يناصر بعضهم بعضا ، في مقابلة قوله تعالى : «المنافقون بعضهم من بعض» (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) على عكس المنافقين الذين يأمرون بالمنكر ، وينهون عن المعروف (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) الإيمان عمل بمشيئة الله ، ولا إيمان بهذا إلا بهذا العمل ، هذا هو الإسلام : علم وعمل ، فبأي شيء يأتي الدين الجديد ، والشريعة الجديدة؟
٧٢ ـ (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ ...) هذا في مقابلة قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ) ... وجاء في وصف الجنة : (فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) مما لا عين رأت ولا أذن سمعت» وكفى بالجنة جزاء أوفى للمؤمنين والمحسنين في عصرنا الراهن ، أن لا يروا فيها أحزابا متطاحنة ، وتكتلات متشاحنة ، ودولا تتنافس على الحكم في الشعوب المستضعفة ، وأحلافا عسكرية ، وأسلحة جهنمية وشركات احتكارية ، ودسائس ومؤامرات ، ومشردين ولاجئين ... إلى العديد من النكبات والويلات.
٧٣ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) استعمل النبي (ص) معهم سياسة اللين ، فما أجدت فأمره الله سبحانه أن يعاملهم بما هم أهل له ، ان يغلظ عليهم ويجاهدهم ... ولكنه لم يبيّن نوع الجهاد : هل هو بالسيف أو باللسان أو بطريق آخر؟. ومعنى هذا ان الله قد ترك ذلك الى تقدير النبي (ص) فيجاهدهم بما يراه من الحكمة والمصلحة.
____________________________________
الإعراب : (قَوْمِ نُوحٍ) بدل من الذين المجرور بإضافة نبأ. والمصدر المنسبك من (لِيَظْلِمَهُمْ) متعلق بمحذوف خبرا لكان أي : فما كان الله مريدا لظلمهم.