٧٤ ـ (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ) ما ذكر سبحانه كلمة الكفر التي نطقوا بها كيلا يتعبد المسلمون بقراءتها ، وما من شك ـ كما يبدو من سياق هذه الآية وما سبق ويأتي من الآيات ـ أنها كلمة سوء في النبي (ص) والوحي والذين آمنوا ، أطلقها المنافقون حين خلا بعضهم إلى بعض ، وما أكثر الطعن وقول الزور والخيانة بالغيب ـ على ألسنة المنافقين والمذبذبين! (وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) أظهروا الكفر بعد اظهار الإسلام ، انظر تفسير الآية ٦٦ من هذه السورة (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) حين رجع النبي (ص) من تبوك تآمر عليه ١٢ رجلا من الصحابة ٨ من قريش و ٤ من غيرهم ، وهموا بأن يدفعوه من راحلته إلى الوادي إذا تسنم العقبة ليلا ، فأخذ عمار بن ياسر بزمام ناقته يقودها ، وحذيفة بن اليمان يسوقها وحين أرادوا الدنو من النبي ضرب حذيفة وجوه رواحلهم حتى أبعدهم (وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) ضمير نقموا وأغناهم يعود لبعض المنافقين ، والمعنى أن هؤلاء الذين يدبرون الحبائل لرسول الله كانوا فقراء فصاروا أغنياء من الغنائم وعطاء الرسول ، فجعلوا موضع الشكر لهذه النعمة كفرانها (فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ ...) بالرغم من جرأة المنافقين على الله ورسوله ، وما قالوه من كلمة الكفر ، وما حاكوا من حبائل أيام الحرب والسلم ، بالرغم من ذلك وفوق ذلك عرض سبحانه عليهم العلاج والدواء ، وهو الندم والتوبة التي لا تكلفهم أي ثمن ، وتعود عليهم بكل خير دنيا وآخرة ... فهل هذا مجرد جود وحلم أو وراءه شيء آخر؟ الجواب : هو حلم وجود ما في ذلك ريب ، وأيضا هو خير وقوة للإسلام والمسلمين بمن تاب منهم وأحسن ، وهذا هو الحد الفاصل بين صاحب العقيدة والمبدأ والمنافق الانتهازي الذاتي ، الأول ينظر المصلحة العامة ، ويعمل بموجبها ويفنى فيها بكله ، فيغفر ويصفح ويفتح باب الخير لكل من أراد عملا بدينه ومبدئه ، والثاني بجرم وينتقم عند النصر ، لأنه لا يرى إلا همه وهمّ ذويه ... وأخيرا فقد تاب فريق من المنافقين ، وأبلوا البلاء الحسن في نصرة الإسلام ٧٥ ـ ٧٦ ـ (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ ...) نزلت في ثعلبة الأنصاري الذي قال لرسول الله (ص) : أدع الله أن يرزقني مالا. فقال له : قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه. فأقسم ثعلبة لئن رزقه الله ليعطين لكل ذي حق حقه. فدعا له النبي ، ولما كثر ماله تشاغل به حتى ترك صلاة الجمعة والجماعة ، وامتنع عن أداء الزكاة.
٧٧ ـ (فَأَعْقَبَهُمْ) فخذلهم الله وأعرض عنهم ، فكانت عاقبة هذا الخذلان والإعراض (نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) تمكن النفاق في قلوبهم لا ينفك عنها إلى يوم يموتون وينشرون (بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ) قال الرسول الأعظم (ص) : آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان ٧٨ ـ (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ) الذي تنطوي عليه صدورهم (وَنَجْواهُمْ) التي يتهامسون بها فيما بينهم ٧٩ ـ (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) اللمز : العيب ، والتطوع : التبرع ، وضمير الجماعة في