الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وضمير منهم يعود إلى الإعراب وحدهم لأن الذين كذبوا الله ورسوله كلهم كافرون لا بعضهم ، أما أهل البادية المعتذرين فمنهم المؤمن الصادق في عذره ، ومنهم المنافق.
٩١ ـ (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ) أسقط سبحانه جهاد الغزو في سبيل الله عن الضعفاء ، والمراد بهم الشيوخ المتقدمون في السن ، والمرضى ، والذين لا يملكون نفقة الجهاد ، ولا يجدون من يبذلها لهم ، أسقطها سبحانه عن هؤلاء مع الأجر والثواب أيضا (إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) بأن يؤدوا ما عليهم من واجبات كحراسة المدينة والمحافظة على عيال المجاهدين الغائبين وأموالهم ، وما إلى ذلك مما يطيقون. (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) أي من لوم وعتاب فضلا عن الإثم وعقوبته ، وهذا أصل شرعي عام ، يتفرع عليه العديد من الأحكام ـ وعلى سبيل المثال ـ أن تستودع مالا عند آخر ، فإذا تلف فلا يضمن الوديع إلا إذا ثبت بالبينة الشرعية أنه قصر وتهاون.
٩٢ ـ (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) نزلت هذه الآية في جماعة من الفقراء أتوا النبي (ص) وهو يتهيأ لغزوة تبوك ، وقالوا له : لا نملك راحلة للذهاب معك ، وطلبوا منه مركبا يحملهم ، فقال : لا أجد ما أحملكم عليه ، فسحت أعينهم بالدمع.
٩٣ ـ (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ) الفقراء يتسابقون إلى الجهاد والنضال ، وهم لا يملكون شيئا ، والأغنياء يملكون كل شيء ، وهم مع القواعد والخوالف ... ولا بدع فقد بنت الجماهير الفقيرة العاملة وما زالت تبني المدن والمصانع ، وتشق الطرق والأنهر ، وتقيم السدود والمعاهد ، والمترفون بين العود والكأس. (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ ...) تقدم قبل لحظة في الآية ٨٧.
٩٤ ـ (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ) يقول سبحانه لنبيه : بعد أن تعود أنت والمؤمنون من تبوك إلى المدينة ، يعتذر المنافقون إليكم عن تخلفهم ، فلا تقبلوا منهم عذرا ، وقولوا لهم : (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) أبدا لا نصدقكم في شيء مما تعتذرون لأن الله سبحانه أوحى إلى نبيه بما تخفي صدوركم من شر ونفاق ، أجل إذا تبتم وأثبتم بالأفعال لا بالأقوال أنكم صادقون في إيمانكم ، ورأى ذلك منكم الله ورسوله والمؤمنون ، فعندئذ نركن إليكم ونطمئن (ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ...) لا مفر من موقف العرض والحساب وموضع الثواب والعقاب ، وهناك تبلى السرائر ، وتنكشف الضمائر.
٩٥ ـ (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ) رجعتم
____________________________________
الإعراب : (حَرَجٌ) اسم ليس مؤخر ، وعلى الضعفاء خبر مقدم. و (إِذا) ظرف متعلق بمحذوف أي لا يخرجون. و (لِتَحْمِلَهُمْ) أي على الإبل