من غزوة تبوك (إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ) لكي تسكتوا عنهم (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ) تجاهلوهم احتقارا وازدراء (إِنَّهُمْ رِجْسٌ) هم أقذار ، وأنتم أطهار ، فابتعدوا عنهم ...
٩٦ ـ (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ) حلف المنافقون في المرة الأولى طلبا للصفح وخوفا من العقاب ، كما دل قوله تعالى : (لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ) وحلفوا في المرة الثانية طلبا ، للرضا وطمعا في الثواب ، ويسهمون معكم في المغانم كما قال سبحانه في الآية ١٥ من الفتح : (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) وكذلك المؤمن ، لأن رضاه من رضا الله ، وفي الحديث : من رضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم.
٩٧ ـ (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) ليس هذا تقسيما للناس على أساس البداوة والحضارة ، كيف؟ وقد أخبر سبحانه في الآية الآتية أن من الإعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ، ولو كانت البداوة إثما لحرمها الله تماما كما حرم الكفر والنفاق. إن القرآن يقسم الناس على أساس العلم والتقى والجهاد ، أما هذه الآية فهي مجرد إشارة إلى ما للظروف والبيئة من تأثير ، وإنها تفعل بالأرواح كما تفعل بالأجسام ، وإلى هذا يومئ قوله تعالى : (وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) لبعدهم عن العلم وأهله والثقافة وأسبابها. وفي الحديث : من لم يتورع في دين الله ابتلاه بسكنى الرساتيق.
٩٨ ـ (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً) غرامة وخسرانا ، فلا ينفق إلا مكرها ، وكذلك من أهل المدينة والحضارة ، بل أكثرهم لا ينفقون إطلاقا (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) ينتظر القضاء على الإسلام والمسلمين ليستريح من الزكاة.
٩٩ ـ (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ ...) وينفق في سبيل الله لوجه الله (وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) أي رغبة في دعائه بالبركة والاستغفار ، وعملا بهذه الآية يدعو علماء الشيعة لمن يؤدي إليهم حقا ماليا من حقوق الله (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ ...) كل نفقة لوجه الله تقرب صاحبها من الله وتدخله في رحمته ، وفي الحديث : الصدقة تطفئ غضب الرب. وأفضل الصدقات كف الأذى عن الناس.
١٠٠ ـ (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) الذين صلوا للقبلتين : المسجد الأقصى والمسجد الحرام كما في الكثير من التفاسير (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ)
____________________________________
الإعراب : (وَجَزاءُ) مفعول لأجله لمأواهم لأنه بمعنى تحرقهم جهنم.