وكل من آمن وعمل صالحا فهو من التابعين للسلف الصالح. قال إمام المتقين وسيد الساجدين : اللهم الحقني بصالح من مضى ، واجعلني من صالح من بقي ، وخذ بي سبيل الصالحين (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) بطاعتهم وإخلاصهم (وَرَضُوا عَنْهُ) بما أفاض عليهم من رحمته ونعمته.
١٠١ ـ (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) في قلب المدينة المنورة وضواحيها منافقون لا يقف شرهم عند حد (لا تَعْلَمُهُمْ) يا محمد لأنهم يظهرون لك المودة (نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) وما يضمرون من كيد وحقد لكل صالح وناصح (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) ومعنى هذا أنهم يعذبون ثلاث مرات : الأولى عند قبض الأرواح حيث تضرب منهم الملائكة الوجوه والأدبار كما نصت الآية ٥٠ من الأنفال ، والمرة الثانية عذاب القبر لحديث «قبر الكافر حفرة من حفر جهنم ، وقبر المؤمن روضة من رياض الجنة» والعذاب الثالث يوم يقوم الناس لرب العالمين ...
١٠٢ ـ (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) ولم يعتذروا بالأكاذيب ، وفي الحديث : «من رأى أنه مسيء فهو محسن» وفي نهج البلاغة : سيئة تسوءك خير عند الله من حسنة تعجبك (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) أحسنوا أحيانا. وأساءوا حينا (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) إن كانت كفة الحسنات أثقل وأرجح أو استوت الكفتان على الأقل.
١٠٣ ـ (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) الخطاب في «خذ» للنبي (ص) وضمير الغائب في «أموالهم» للأغنياء ، والمراد بصدقة ، الحق الإلهي المفروض كتابا وسنة وإجماعا ، والإمام المعصوم ينوب عن النبي في هذا الأخذ ، فإن لم يوجد فعلى الأغنياء أن يعطوا هذا الحق لأهله بنفس راضية تمام الرضا (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) المراد بالصلاة هنا الدعاء وبالسكن الراحة ، والمعنى ادع أيها الرسول بالبركة والمغفرة لكل غني يؤدي ما عليه من حقوق مالية ، لأنه يغتبط بدعائك هذا ، وترتاح إليه نفسه.
١٠٤ ـ (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) وأنه بسطها ويسّر أسبابها لجميع عباده ، ودعاهم إليها مرة بالترهيب ومرة بالترغيب (وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) أي يقبلها ، ويثيب عليها ، وفي الحديث : تقع الصدقة في كف الرّحمن قبل أن تقع في كف السائل (وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) أي يهب الرحمة والمغفرة لمن تاب وآب ، وجاء في الآثار : التواب هو الذي قابل الدعاء بالعطاء ، والاعتذار بالاغتفار ، والإنابة بالإجابة ، والتوبة بغفران الحوبة.
١٠٥ ـ (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
____________________________________
الإعراب : (السَّابِقُونَ) مبتدأ والأولون صفة ، و (رَضِيَ اللهُ) خبر المبتدأ. و (مِمَّنْ حَوْلَكُمْ) خبر مقدم ، ومنافقون مبتدأ مؤخر. (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) خبر لمبتدأ محذوف ، أي من أهل المدينة قوم مردوا ، وجملة مردوا صفة لقوم. (وَآخَرُونَ) مبتدأ ، واعترفوا صفة ، وخلطوا خبر.