والأبواب من الأخشاب (قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) إن الله وحده هو الذي يخلق بكلمة «كن» وبها أوجد الكون ، ويعيد الحياة لمن مات (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) تتحولون عن الحق إلى الباطل.
٣٥ ـ (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) بإقامة الحجج والبراهين وإرسال المبشرين والمنذرين (قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِ) بكتابين : كتاب ينطق بلسان المقال ، وهو القرآن الكريم الذي يهدي للتي هي أقوم ، وكتاب ينطق بلغة الأعمال ، وهو الكون فكل شيء فيه هو «آية تدل على أنه واحد» ولكن هذه الآية لا يفهمها إلّا ذو قلب سليم وعقل مجرد عن التحيز والتقليد. (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ) ما رأيكم أيها المشركون : هل يتبع طالب الحق الله الذي وهب الإنسان عقلا وحواسا ليدرك ويميز وأرسل الرسل وأنزل الكتب وخلق الكون بآياته البينات ، أو يتبع هذا الذي أشار إليه سبحانه بقوله : (أَمَّنْ لا يَهِدِّي) أمّن كلمتان : أم ومن فأدغمت الميم الاولى في الثانية ، ويهدي بفتح الياء وتشديد الدال معناه لا يهتدي في نفسه ، إما لأنه فاقد الأهلية من الأساس كالأصنام ، وإما واجدها ولكنه يفتقر إلى الإرشاد والهداية ، وهو ما أشار إليه سبحانه بقوله : (إِلَّا أَنْ يُهْدى) أن يأخذ الهداية من غيره ، والله سبحانه يعطي ولا يستعطى (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) ـ ٥٠ طه» وفي نهج البلاغة : «فمن الذي هداك لاجترار الغذاء من ثدي أمك؟».
٣٦ ـ (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) فيما يعتقدون ويدينون (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) وهذا دليل قاطع على أن التحليل أو التحريم لا يسوغ بحال إلا بالعلم مباشرة أو بما ينتهي إليه ، كقول المعصوم : خذ بما تسمعه مني أو بما تسمعه ممن تثق بدينه وعلمه ، فالأخذ من المعصوم مباشرة علم ، ومن الثقة ظن لاحتمال أنه قد أخطأ في النقل ، ولكنه ينتهي إلى العلم ، وهو أمر المعصوم.
٣٧ ـ (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ) ما كان ولن يكون أبدا هذا القرآن إلّا من عند الله (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) مما تقدمه من الكتب الإلهية (وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ) عطف على تصديق أي ولكن كان القرآن تصديقا وتفصيلا ، والمراد بالكتاب هنا شريعة الله ، والمعنى أن القرآن بيان كاف واف لأحكامه تعالى وحلاله وحرامه.
٣٨ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ...) تقدم في الآية ٢٣ من البقرة ، وبالمناسبة قرأت في مجلة آخر ساعة المصرية العدد ٢٢٥٤ تاريخ ٤ ـ ١ ـ ١٩٧٨ : أن رئيس الولايات المتحدة كارتر التقى في أمريكا بالحصري شيخ المقرءين ، فقال له : «أتمنى أن أسمع صوتك وترتيلك للقرآن في القريب. وأن تناح لي هذه الفرصة» وأنّ الشيخ المقرئ أهداه مجموعة كاملة من المصحف المسجل المرتل.
٣٩ ـ (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) وهذا هو شأن الجاهل بجهله (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وفي عهدهم ومن بعدهم ، وإلى آخر