يوم ، يكذبون ويسمون الكذب صدقا ، ويظلمون ويسمون الظلم عدلا ، ويمكرون ويسمون المكر عقلا ، ويهذرون ويسمون الهذر علما!.
٤٠ ـ (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) بالقرآن ، يجاهدون في سبيله ، وجلهم من المغلوب على أمرهم ، ولا يملكون من القوة ما يتحكمون ويستبدون ، ولا تصطدم مصالحهم مع الحق والعدل ، ومع ذلك فلا غبار على إيمانهم ، لأن الإسلام يقف دائما مع المستضعفين والمظلومين ، ويعلن الحرب من أجلهم ، ثم هل من بأس في إيمان من آمن بالله وصفاته لا لشيء إلا لأنه حرم العدوان على أي عبد من عباده؟ (وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ) جهلا أو خوفا على مكانتهم ومصالحهم.
٤١ ـ (وَإِنْ كَذَّبُوكَ) يا محمد (فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ...) إن أصروا على معاندة الحق وتكذيبه فقل كلمة الله وامش (وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) ٨١ النمل».
٤٢ ـ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) بآذان صم وقلوب عمي (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَ) علام تتعب نفسك ، وتشغل قلبك من غير جدوى.
٤٣ ـ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ) بعين الحقد والحسد فكيف تحاول أن يقنعوا منك ويقبلوا؟
٤٤ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) وأغرب من كل غريب أن يقول مسلم : الإنسان مسير لا مخير وهو يقرأ هذه الآية المحكمة الواضحة ... حتى إبليس يقول لأتباعه يوم لا كذب ولا خداع : (فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) ـ ٢٢ ابراهيم».
٤٥ ـ (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ) هذا تذكير وتحذير لمن يتمادى في الغي والضلال (يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ) يتعارف الموتى في موقف من مواقف يوم القيامة ، ثم ينقطع التعارف ، ويشتغل كل بنفسه لتراكم الأهوال وثقل الأغلال.
٤٦ ـ (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) بحيث ترى بعينك يا محمد الانتقام في الحياة من الذين كذبوك (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل أن نعذبهم في الدنيا أو ندع عذابهم فيها (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) يوم الحشر (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) بعدك ، فمن تاب منهم وعمل صالحا فقد فاز والا فحسبه جهنم وبئس المهاد.
____________________________________
الإعراب : (عاقِبَةُ) اسمها مؤخر (يَوْمَ) مفعول لفعل محذوف أي أنذرهم يوم نحشرهم. و (كَأَنْ) مخففة من الثقيلة ، واسمها محذوف أي كأنهم. وساعة ظرف متعلق بيلبثوا. و (مِنَ النَّهارِ) متعلق بمحذوف صفة لساعة ، وجملة كأنهم وما بعدها حال من ضمير يحشرهم ، أي مشبهين من لم يلبث إلا ساعة. (وَإِمَّا) مركبة من كلمتين ان الشرطية وما الزائدة ، وجواب الشرط فإلينا مرجعهم.