حيث لا ينفع الندم سرا كان أم علنا (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) تقدم بالحرف في الآية ٤٧ من هذه السورة.
٥٥ ـ ٥٦ ـ (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ ...) هو مالك الملك ، وخالق الموت والحياة ، وإذا وعد أنجز وعده لا محالة.
٥٧ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أي القرآن وهو عظة لأنه يأمر بالواجبات ، وينهى عن المحرمات ، وهو (وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) من الشكوك والشبهات والأحقاد والآفات (وَهُدىً) للناس إلى حياة أفضل (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) للطيبين الذين يحبون الخير ، ويعملون به لوجه الله والخير (وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) ـ ٨٢ الأسراء».
٥٨ ـ (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) المراد بفضل الله ورحمته هنا الهداية إلى الحق والخير والنجاة من عذاب الله وغضبه ، وما من شك أن العاقل يفرح بالآجلة لا بالعاجلة. وفي نهج البلاغة : «ما بالكم تفرحون باليسير من الدنيا تدركونه ، ولا يحزنكم الكثير من الآخرة تحرمونه».
٥٩ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أخبروني (ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ) أحله لكم بالكامل (فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً) لا صلة لهذه الآية بحياة الناس في العصر الراهن ، وإنما هي إشارة إلى ما كان عليه أهل الجاهلية حيث كانوا يحرمون بعض ما أحل لهم كما مر في الآية ١٠٣ من المائدة ، والكثيرون في عصرنا يحللون ما حرم الله ، فهم أسوأ حالا من أهل الجاهلية.
٦٠ ـ (وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي هل يتصور الذين يحللون ويحرمون من تلقائهم أن الله يتركهم غدا بلا عقاب على كذبهم وافترائهم؟ إذن لا فرق عنده بين من اتقى ومن عصى ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
٦١ ـ (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ) أي الشأن (مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ) أيها الناس أو أيها المسلمون (إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) شاهدين به عالمين ، والمعنى ما من حال يكون عليها النبي وأمته إلا وهي في علم
____________________________________
الإعراب : (شِفاءٌ) هنا مصدر بمعنى الفاعل أي شاف ، مثل رجل عدل بمعنى عادل. وبفضل الله وبرحمته متعلق بفعل محذوف دل عليه الموجود ، أي قل : ليفرحوا بفضل الله وبرحمته. و (فَبِذلِكَ) اشارة الى فضل الله ورحمته ، وتتعلق بفليفرحوا ، والغرض من هذا التأكيد الإيماء الى ان الإنسان لا ينبغي له ان يفرح بشيء لا بفضل الله ورحمته. وما في قوله تعالى : ما أنزل الله للاستفهام الانكاري ، وموضعها النصب بأنزل. و (آللهُ) مركب من كلمتين : همزة الاستفهام ، ولفظ الجلالة ، أي الله. و (ما ظَنُّ الَّذِينَ ما) مبتدأ ، وظن خبر