الله (إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) من أفاض في العمل إذا اندفع فيه ، وهذا أيضا في علم الله (وَما يَعْزُبُ) يبعد ويغيب (عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ ...) وبالاختصار أن الله بكل شيء عليم.
٦٢ ـ (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) وولي الله هو ولي محمد (ص) لقوله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) ـ ٨٠ النساء» وطاعة العترة الطاهرة هي طاعة الله والرسول لأنهم عدل القرآن بنص حديث الثقلين على رواية مسلم وغيره كثير.
٦٣ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) أي يترجمون العلم والدين بالأفعال لا بالأقوال.
٦٤ ـ (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) والمراد هنا قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) ـ ٧ الزلزلة» وكل ما يرادفه في كتاب الله وسنة نبيه.
٦٥ ـ (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) دعا محمد (ص) الخلق إلى الحق والعدل والمساواة ، فقامت قيامة المستبدين والمستأثرين ، ونعتوه بما هم به أحرى وأولى ، فاستشعر النبي الألم والحزن من كذبهم وبهتانهم ، فقال سبحانه لنبيه الأكرم : لا تبال بما يقولون ، فإن الله وحده هو المعز والمذل ، وسيذل بك وبمن اتبعك جبابرة البغي والضلال.
٦٦ ـ (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ...) كل شيء في قبضته تعالى ، وهو القادر على نصرة دينه ونبيه والانتقام من أعدائه ، أما الذين يدعون من دونه فهم لا يملكون نفعا ولا ضرا ولا حجة ودليلا (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) يتصورون تصورا باطلا.
٦٧ ـ (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ) مظلما (لِتَسْكُنُوا فِيهِ) للاستراحة من متاعب النهار (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) تبصرون فيه للكدح من أجل الحياة (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) كل عاقل يدرك هذه الحكمة البالغة ويربط بينها وبين وجود عليم حكيم.
____________________________________
الإعراب : (أَلا) أداة تنبيه. و (الَّذِينَ آمَنُوا) مبتدأ ، ولهم البشرى خبر. و (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) متعلق بالبشرى. ولا تبديل (لا) نافية للجنس تعمل عمل أن ، وتبديل اسمها ولكلمات الله خبرها. (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ) جملة مستأنفة ، وليست مفعولا للقول لأن النبي (ص) لا يحزنه قولهم : العزة لله. (وَما يَتَّبِعُ) ما نافية ، ومفعول يتبع محذوف أي ما يتبعون شريك الله حقيقة ، لأن الله لا شريك له. (إِنْ يَتَّبِعُونَ) ان نافية. وان هم مثلها. والمصدر المنسبك من لتسكنوا متعلق بمحذوف مفعولا لجعل أي جعل الليل مظلما لسكنكم فيه.