٣ ـ ٤ ـ (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) من كل مأثم ومحرم (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) ـ ٥٣ الزمر» (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) والفرق بين الاستغفار والتوبة أن الاستغفار طلب الغفران عن الماضي وكفى ، أما التوبة ، فإنها تدل بصلب تكوينها اللفظي على الندم وسؤال الصفح عما كان مع العهد القاطع على ترك المعاصي في المستقبل.
(يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي في الدنيا ، وليس من الضروري أن يكون حسن المتاع رزقا وسعة ، فقد يكون حرية وكرامة بأن لا يسلط علينا باغية طاغية كإسرائيل وأنصارها ، وما من شك أن الحرية أعز وأثمن من النفس والمال (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) يوم الحساب والجزاء (وَإِنْ تَوَلَّوْا) خطاب لكل الناس ، وأصله تتولوا ، فحذفت إحدى التاءين (فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) حيث يقف العبد بين يدي خالقه للحساب خشوعا هلوعا.
٥ ـ (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) يخفون ما تنطوي عليه من العداوة والبغضاء للرسول الأعظم (ص) (لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ) يظنون أن أمرهم يخفى على الله ، ولكنه تعالى فضحهم في هذه الآية وغيرها (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) إنه تعالى يعلم كذبهم ونفاقهم ، وإن حاولوا ستره بثياب الصالحين وشعارهم.
٦ ـ (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) أودع سبحانه في أرضه ما يحتاج إليه كل حي دب ويدب عليها قلّ أو كثر ، ومن الضرورات والكماليات ، من الغذاء والكساء والدواء إلى أدوات الزينة ولعبة الأطفال ... وأيضا أودع في الإنسان طاقة يسيطر بها على الطبيعة ، ويكشف ما فيها من موارد ويحولها لمصلحته وسد حاجاته. ومعنى هذا أن الرزق من الله وعلى الله ، ولكن عن طريق السعي والعمل (وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها) المستودع المكان الذي كانت فيه قبل أن تدب على الأرض ، والمستقر المكان الذي قرت فيه بعد الدبيب (كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) وهو علم الله الذي لا يعزب عنه شيء.
٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) تقدم في الآية ٥٤ من الأعراف (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) المراد بعرش الله سبحانه ملكه وسلطانه ، وظاهر الآية يدل على أن الماء كان موجودا قبل خلق السموات والأرض. ومن جملة ما قرأت أن الهواء عند تكاثفه الشديد يستحيل ماء ، وإذا تكاثف الماء يصبح أرضا ، وإذا زاد تكاثفه تحول صخرا. وعلى أية حال فإنه لا آية محكمة ولا رواية ثابتة تنص على أصل الكون وعناصره. ولا شيء لدينا إلا الإيمان والإيقان بقوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ـ ٨٢ يس» وفي مجلة عالم الفكر الكويتية ج ٣٤١ ص ٥ : «أن الدكتور ماري الأستاذ في جامعة سدني الذي يهتم اهتماما بالغا بالكون وأصله قال : كل ما لدينا من معلومات لا تصحح نظرية واحدة عن الكون» وهذا يدعم ويؤكد إيماننا بأن كلمة الله «كن» هي الأصل والمصدر وفي أول إنجيل يوحنا : في البدء كان الكلمة ... وبغيره لم يكن شيء مما كان». (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) أي أن الله سبحانه