٤٠ ـ (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا) بالغرق (وَفارَ التَّنُّورُ) وللتنور معان في اللغة ، منها وجه الأرض ، وهو المراد هنا (قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) ـ ذكرا وأنثى ـ (وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) احمل أهلك في السفينة ولا تحمل منهم من ننهاك عن حمله كزوجتك وبعض أبنائك (وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) أي وحمل معه العصبة القليلة المؤمنة.
٤١ ـ (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) مجراها من الجري والسير ، ومرساها من الإرساء والثبوت ، والمعنى جريها ورسوها يكون باسم الله.
٤٢ ـ ٤٣ ـ (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ ...) وفي الأشعار والأمثال : أولادنا أكبادنا ... وقال بعض المفسرين : هو الابن الرابع لنوح.
واسمه يام ، وقال مفسر آخر : بل اسمه كنعان ، وفي قاموس الكتاب المقدس : أن كنعان هو ابن حام ابن نوح ، وهو جد القبائل التي قطنت فلسطين. وتسأل : كيف دعا نوح ابنه إلى سفينة النجاة وهو يعلم بكفره وتمرده؟
الجواب : دعاه أن يؤمن أولا ثم يركب ، ويرشد إلى هذا قول أبيه وهو يخاطبه : (وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) ولكنه رفض أن يستجيب إلى الإيمان ، ورفض الأب ـ على عاطفته الأبوية ـ أن يصحبه كافرا ، لأن الدين فوق الرحم وأعز (فَكانَ) ابن نوح (مِنَ الْمُغْرَقِينَ) وأبوه ينظر إليه آسفا ، لا من أجل حياته ، بل لموته على الكفر.
٤٤ ـ (وَقِيلَ يا أَرْضُ ...) أمر سبحانه الأرض أن تبتلع الماء ، والسماء أن تكف عن الصب ، واستقرت السفينة على جبل الجودي ، وانتهى الأمر بنجاة المؤمنين وهلاك المشركين.
____________________________________
الإعراب : (مَنْ يَأْتِيهِ) مفعول لتعلمون ، وهي اسم موصول ، وقيل : استفهام بمعنى أينا. نقل ابن هشام في كتاب المغني عن الجمهور ان حتى إذا دخلت على إذا تكون حرف ابتداء ، وإذا ظرفية في محل نصب بشرطها أو جوابها (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) وقرئ بتنوين كل ، أي من كل نوع ، وعلى هذا يكون زوجين مفعولا لإحمل واثنين توكيدا له ، وقرى بإضافة كل الى زوجين ، وعليه يكون اثنين مفعولا لاحمل ، ومن كل زوجين متعلق بمحذوف حالا من اثنين. (وَأَهْلَكَ) معطوف على مفعول احمل ، ومثله ومن آمن (بِسْمِ اللهِ) متعلق بمحذوف حالا من واو اركبوا أي متبركين باسم الله ، ومجراها ومرساها ظرفا زمان على حذف مضاف أي وقت جريها وارسائها. ويجوز ان يكونا مبتدأ والخبر بسم الله ... ولا عاصم (لا) نافية للجنس وعاصم اسمها ، واليوم متعلق بمحذوف خبرها ، وإلا من رحم الله (مِنَ) في محل نصب على الاستثناء المنقطع أي لكن من رحمهالله معصوم. و (بُعْداً) مصدر مؤكد أي بعد بعدا.