لأنها إخبار بالغيب ، وغير ذلك (ما كانَ) هذا القرآن (حَدِيثاً يُفْتَرى) من دون الله (وَلكِنْ) كان (تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) من كتب سماوية (وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ) من العقيدة وأدلتها ، والشريعة وأحكامها ، والأخلاق وتعاليمها (وَهُدىً) لمن طلب الهداية ورغب فيها (وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ولم يلبسوا إيمانهم بحقد وظلم ، وحسد ولؤم. وهو سبحانه المسئول أن يعاملنا بلطفه ورحمته بالنبي وعترته ، عليه وعليهم أفضل الصلوات.
سورة الرّعد
مدنيّة وهي ثلاث وأربعون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (المر) تقدم في أول البقرة (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) آيات هذه السورة هي من القرآن (وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) أجل القرآن حق لا ريب فيه ، لأنه يقول : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) ـ ٣٩ النجم ... (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) ـ ١٣ الحجرات ... (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) ـ ٦ البينة».
٢ ـ (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) وجملة ترونها صفة للسموات لا للعمد ، والمعنى أن الكواكب التي ترونها في السماء لا تقوم على شيء ، بل وضعت منذ البداية في مكان محدد بكل دقة ، لا تحتاج معه إلى تكأة أو ركيزة. وقال الإمام علي في مستدرك نهج البلاغة : «رفع سبحانه السماء بغير عمد ، وبسط الأرض على الهواء بغير أركان» (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) كناية عن الملك والسيطرة وتقدم في الآية ٥٤ من الأعراف و ٣ من يونس (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ...) تقدم في الآية ٥٤ من الأعراف (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) المراد بالأمر الخلق ، وبالتدبير الإحكام والهيمنة (يُفَصِّلُ الْآياتِ) في كتابيه : الكوني والقرآني.
___________________________________
الإعراب : (ما كانَ) فيها ضمير مستتر يعود إلى القرآن أو المتلو ، و (حَدِيثاً) خبر كان. و (تَصْدِيقَ) خبر لكان محذوفة مع اسمها أي ولكن كان القرآن تصديق الذي بين يديه ، (وَتَفْصِيلَ) و (هُدىً وَرَحْمَةً) عطف على التصديق. (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) مبتدأ وخبر. (وَالَّذِي أُنْزِلَ) مبتدأ والحق خبر.