«اللهم اني إليك أفر ، ومنك أخاف ، وبك أستغيث ، وإياك أرجو ، ولك أعود ، وإليك ألجأ ، وبك أثق ، وإياك أستعين ، وبك أؤمن ، وعليك أتوكل».
٢٩ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أبدا لا فصل بين الإيمان والعمل الصالح ، لأن الإيمان قوة دافعة إلى الخير لا يصدها عنه أي حاجز ورادع (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) والمراد بطوبى الجنة والمآب : المرجع والمنقلب.
٣٠ ـ (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ) يا محمد (فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ ...) أرسل سبحانه إلى الأمم الماضية رسلا مبشرين ومنذرين ، ولهذه الغاية بالذات أرسل محمدا ، فأي بدع في ذلك؟ فما هم بأول قوم أرسل الله إليهم رسولا ، ولا هو بأول رسول يتلو على الناس ما أوحي إليه من ربه (قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وأنتم به كافرون (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) في جميع أموري (وَإِلَيْهِ مَتابِ) من تاب بمعنى رجع.
٣١ ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) تحركت ومشت تلقائيا (أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) إلى أجزاء ، ويستقل كل جزء بنفسه عن الآخر (أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) أحياها القرآن وأخرجها من القبور ، وجواب «لو» محذوف ، والتقدير لو حدث كل ذلك ما آمنوا بالقرآن ولا بمحمد (ص) والسر أن الحق يجذب إليه من يؤمن به وبوجوده مستقلا عن ذاته وشهواته ، وهو يتوخاه ويبحث عنه ليعمل به ، أما من لا يرى الحق والخير إلا فيما يشتهي ويهوى ـ فيستحيل ان يفهم إلا بلغة الهوى والغرض أو بلغة القوة حتى ولو تحول الجبل قطارا ، والقطار جبلا (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) المراد بالذين آمنوا هنا خصوص صحابة الرسول (ص) حيث تمنوا متلهفين أن يؤمن المشركون بالله ورسوله ، فقال لهم سبحانه : ألم تيأسوا من إيمان هؤلاء المعاندين؟ وإلى متى تطمعون في هدايتهم؟ ولو شاء ، جلت حكمته ، لألجأهم إلى الإيمان وإن كانوا له كارهين ، فدعوهم لشأنهم (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) المراد بالذين كفروا هنا خصوص من كذب وحارب محمدا ، والمعنى أن هؤلاء الطغاة لا يتركهم الله في الدنيا من غير تأديب ، بل ينزل عليهم الكوارث والبلايا ، أو ينزلها بالقرب منهم حتى تمتلئ قلوبهم رعبا عسى أن يتعظ بعضهم ويؤمن.
٣٢ ـ (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) يا محمد (فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) بالعذاب يقول سبحانه لنبيه مسليا : هون عليك ما أصابك من قومك ، فلك أسوة بمن كان قبلك من الأنبياء ، فقد تألب عليهم أقوامهم ، وجعلوا يؤذونهم بأيديهم وألسنتهم ، فأطلت لهم وأمهلت ، ثم أخذتهم أخذا وبيلا.
٣٣ ـ ٣٤ ـ (أَفَمَنْ هُوَ) أي الله سبحانه (قائِمٌ)