٤٧ ـ (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) وهو قوله سبحانه لأنبيائه ورسله : إنّا من المجرمين منتقمون. وقوله تعالى الصدق والعدل ، وحكمه الحق والفصل.
٤٨ ـ (يَوْمَ) القيامة (تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) حيث تصبح هباء منبثا كما في الآية ٦ من الواقعة (وَالسَّماواتُ) أيضا تتبدل ، فإنها تتساقط وتتناثر بكل ما فيها من كواكب كما في سورة الإنفطار وغيرها (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ وَبَرَزُوا) الخلائق (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) على المكشوف لا حجاب وحيل وألعاب ، وتقدم في الآية ٢١ من هذه السورة.
٤٩ ـ (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) تربط بالقيود والأغلال ملائكة العذاب أيدي المجرمين وأرجلهم وأعناقهم بعضها ببعض ، كل صنف مع صنفه.
٥٠ ـ (سَرابِيلُهُمْ) جمع سربال وهو القميص (مِنْ قَطِرانٍ) سائل أسود أشبه شيء بالحديد المذاب ، نتن الرائحة ، تسرع فيه النار اشتعالا ، تدهن به الإبل إذا جربت (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) تعلوها وتغطيها.
٥١ ـ (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) لكل جريمة عقوبتها الخاصة بها ، ومن أجل هذا تفاوتت العقوبة وتنوعت كما وكيفا ، قال سبحانه : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
(إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) لا يحكم القاضي حتى يحقق ويدقق ، وتتوافر لديه جميع الدلائل والوسائل ، ومن أجل هذا تتعدد جلسات المحاكمة في دعوى واحدة ، وقد تبلغ العشرات ، والله سبحانه يحاكم الخلائق بالكامل ويحكم ويعاقب في سرعة تتناسب وتتفق مع علمه الذي لا يعزب عنه شيء وقدرته التي لا يعجزها أي شيء.
٥٢ ـ (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ ...) يشير سبحانه بهذا إلى القرآن الكريم ، وأن فيه من التعاليم ما يكفل للإنسان سعادة الدارين ، ومن الترغيب والترهيب ما فيه الكفاية وزيادة إذا هو أدرك معناه وعمل بمقتضاه. وبكلمة الله وقرآنه لا بكلام الشارحين له والمفسرين : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ـ ١٧ القمر».
سورة الحجر
مكية وهي تسع وتسعون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (الر) تقدم في أول البقرة (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) تلك إشارة إلى هذه السورة ، وآياتها من القرآن الكريم (وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) يبين الرشد من الغي والحق من الباطل ، وهو معطوف على الكتاب لمجرد التوضيح والتفخيم.