٢ ـ (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) رب هنا للتكثير و «ما» زائدة تكف رب عن العمل ، والمعنى : حين تقوم القيامة وينكشف الغطاء ، يتمنى الذين كفروا بمحمد (ص) ونبوته لو أنهم آمنوا به وعملوا برسالته.
٣ ـ (ذَرْهُمْ) يا محمد (يَأْكُلُوا) من الطيبات (وَيَتَمَتَّعُوا) بالثروات (وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) يشغلهم ويصدهم عن الحق ، وينسيهم الحساب والعقاب (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) تهديد لكل من لا يشعر بالمسؤولية وحقوق الآخرين ٤ ـ (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) والمراد بهذا الكتاب المعلوم وقت العقوبة وأجلها وكأن قائلا يقول : لما ذا لم يعجل سبحانه العقوبة للمجرمين؟
فأجاب سبحانه بأن لكل عقوبة أجلها المعلوم عند الله ، وما من شك أنه تعالى لا يعاقب إلا بعد البيان وقيام الحجة اللازمة ٥ ـ (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) واضح ، وتقدم في الآية ١٤٥ من آل عمران و ٤٩ من يونس ٦ ـ (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) هذه هي نادرة النوادر ونكتة النكات ... محمد مجنون! .. وهل من شيء أصدق في الدلالة على جنونه من هذا القرآن معجزة المعاجز ومن سيرته وآثاره وانتشار الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ... ويقال : إن المجنون يرى كل الناس مجانين. وأيضا العداء والتعصب يعمي ويصم ، ويري صاحبه الحسنى أسوأ السيئات ٧ ـ (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) هذا هو التكبر والعتو ... تحداهم القرآن أن يأتوا بسورة من مثله فقالوا : لا ، آتنا بالملائكة ، ولو جاءت الملائكة لقالوا : لا ، حتى نرى الله جهرة ، ومعنى هذا أنهم لا يريدون الإيمان بمحمد (ص) ، ولما ذا؟ لأن الإيمان به اعتراف بفضله ، والموت أخف من ذلك وأيسر.
٨ ـ (ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِ) أي بالمصلحة الموجبة لنزول الملائكة كتبليغ الرسول أو هلاك قومه المكذبين كما فعل بالأمم الخالية (وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ) لو أنزل سبحانه الملائكة لاستأصلوا الذين اقترحوهم بالكامل لإصرارهم على الضلال ، وقد يكون في وجودهم إلى حين شيء من الخير كإيمان البعض منهم أو من ذرياتهم ٩ ـ (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) المراد بالذكر هنا القرآن الكريم ، وضمير «له» يعود عليه ، والمعنى أنّ هذا القرآن الموجود فعلا بين الدفتين المألوف المعروف لدى كل الناس هو بالذات الذي نزل على محمد (ص) بلا تقليم وتطعيم ، على العكس من الكتاب المعروف الآن بالتوراة فإنه غير الذي جاء به موسى (ع) وكذلك الكتاب المعروف بالإنجيل ، فهو غير الذي نزل على عيسى (ع). اقرأ كتاب الرحلة المدرسية للشيخ جواد البلاغي ١٠ ـ ١١ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ. وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) هوّن عليك يا محمد قول الجبابرة الطغاة : إنك لمجنون. فما أرسلنا قبلك من رسول أو نبي في فرق الأولين وطوائفهم إلا قالوا له مثل هذا وأكثر منه فصبر واحتسب ، وكانت عاقبة الدار للصابرين المتقين ، فاصبر كما صبر الأولون ، والله على نصرك لقدير ، وتقدم في الآية ٣٤ من الأنعام. ١٢ ـ (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) اختلف المفسرون في الضمير بنسلكه ، فقال قائل منهم : يعود إلى الشرك. وقال الشيخ الطبرسي : يعود إلى الذكر (أي القرآن)