الْمُشْرِكِينَ) والمستهزئين والثرثارين فلن يضروك شيئا.
٩٧ ـ (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) لا غرابة أن يتألم نبي الرحمة ويضيق صدره من الافتراءات والأكاذيب ، لأنه إنسان من لحم ودم ، ولكن ما هي العلاقة بين الحزن والعبادة حتى يأمره سبحانه بها إذا استشعر الحزن والضيق. يقول له :
٩٨ ـ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) الجواب : الأمر بالعبادة هنا كناية عن الاتكال على الله والفزع إليه وحده إذا ألم به ما يؤلمه ويزعجه.
٩٩ ـ (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) المراد باليقين هنا الموت ، والمعنى استقم كما أمرت حتى الموت ، وفي الآية ١٣٢ من البقرة : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). وهو سبحانه المسئول أن لا يميتنا إلا على طاعته ومرضاته بالنبي وعترته عليه وعليهم أزكى الصلوات.
سورة النّحل
مكية وهي مائة وثمان وعشرون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (أَتى أَمْرُ اللهِ) وهو وقت الحساب وجزاء الأعمال ، ووضع الفعل الماضي وهو أتى مكان الفعل المضارع لأنه واقع لا محالة ، وكل آت قريب» (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) إشارة إلى قول الجاحدين بالبعث وعقابه : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ـ ٧٠ الأعراف».
٢ ـ (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) المراد بالروح هنا الوحي ، لأنه للنفوس تماما كالأرواح للأبدان ، ومثله ما جاء في الآية ٥٢ من الشورى : «وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان» (أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ) هذا هو الأصل الأصيل لدعوة الأنبياء بالكامل : آمنوا بالله الواحد الأحد واتقوا معصيته وعقوبته ٣ ـ (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...) واضح وتقدم في العديد من الآيات ، وآخرها الآية ٨٥ من الحجر واتقوا معصيته وعقوبته ٤ ـ (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) أول الإنسان نطفة وآخره جيفة ، وهو ما بين ذلك ضعيف تؤلمه البقة ، وتقتله الشرقة ، وتنتنه العرقة ، كما قال الإمام أمير المؤمنين (ع) ومع هذا يجادل في الله والحق بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ٥ ـ (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ) في القرآن الكريم براهين وآيات متنوعة على وجود الله ، منها أن وجوده تعالى مستقر في كيان الإنسان وفطرته حتى في كيان الذين لا يؤمنون إلا بما يرون ويسمعون ، والدليل على ذلك أنهم يلجئون إلى الله تلقائيا إذا ضاقت بهم مسالك النجاة بعد أن فروا منه ، ومن هذا الباب الآية ٢٢ من يونس : (وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ). ومن البراهين على وجوده تعالى الآيات الكونية والمصنوعات الطبيعية. ومنها التذكير بآلاء الله ونعمائه كالآيات التي نحن بصددها (فِيها) أي في الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم (دِفْءٌ) والمراد به اتقاء البرد بما يصنع من جلودها