الساجدين (ع) «سبحانك تعلم وزن الظلمة والنور ، سبحانك تعلم وزن الفيء والهواء» فمن أين جاءه هذا العلم يومذاك إذا لم يكن عن أبيه عن جده عن جبريل عن الباري؟
٤٩ ـ ٥٠ ـ (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ ...) قال الإمام الصادق (ع) : «السجود على نوعين : إرادي وطبيعي» والأول سجود العقلاء ، والثاني سجود سائر الموجودات بمعنى أنها في قبضة الله ، وتدل على قدرته وعظمته من باب دلالة المصنوع على الصانع. وتقدم في الآية ١٣ وما بعدها من الرعد.
٥١ ـ ٥٢ ـ (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) قال الإمام علي (ع) في وصيته لولده الحسن (ع) : «لو كان لربك شريك لأتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته ، ولكنه إله واحد» وتقدم في الآية ١٧١ من النساء و ٧٣ من المائدة (وَلَهُ الدِّينُ واصِباً) المراد بالدين هنا الطاعة ، وبالواصب الدائم ، والمعنى تجب طاعة الله في كل شيء ، ومن أطاعه في الصوم والصلاة ، وعصاه عند بروق المطامع فما هو من دين الله في شيء (أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ) وترجون أن يحقق ما في نفوسكم من ميول ورغبات.
٥٣ ـ ٥٤ ـ (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ) مالا كانت أو ولدا أو جاها أو عافية (فَمِنَ اللهِ) لا من سواه ، فكيف تلجئون وتتذللون إلى مخلوق مثلكم طمعا بما في يده (ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ) ترفعون أصواتكم مستغيثين بالله أن يكشف عنكم الضر علما منكم بأنه تعالى هو وحده الذي يدفعه ويزيله. وهنا مكان الغرابة : تلجئون إلى الله مضطرين ، وتبتعدون عن طاعته مختارين! وتقدم في الآية ١٢ من يونس ٥٥ ـ (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) المراد بالكفر هنا كفران النعمة وجحودها ، واللام في ليكفروا للعاقبة ، والمعنى أن الله أنعم عليهم بالكثير ، فكانت عاقبة الحسنى كفرا لا شكرا (فَتَمَتَّعُوا) بما أنعم الله عليكم واعملوا ما شئتم (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) عاقبتكم الوخيمة ، وتندمون حيث لا ينفع الندم ٥٦ ـ (وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ) يشير سبحانه بهذا إلى الجاهلية المشركة وأن أهلها كانوا يعبدون الأصنام ، ويجعلون لها نصيبا في أموالهم ، وتقدم في الآية ١٣٦ من الأنعام.
٥٧ ـ (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) قالوا : الملائكة إناث وهن بنات الله ، فنسبوا إليه أخس القسمين من الأولاد ، أما القسم الأفضل الذين يحبون وهو الذكور ، فنسبوه لأنفسهم كما في الآية ٢٢ من النجم : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) ٥٨ ـ (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) كناية عن الهم والكآبة (وَهُوَ كَظِيمٌ) ممتلئ بالغيظ ، ولكن يتجرعه ولا يظهره.
٥٩ ـ (يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ) حتى كأنه ارتكب أبشع الأفعال وفكّر : (أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ) هل يبقي المولود المشئوم صابرا على المذلة والمهانة