(أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) حيا كما كانوا يصنعون في الجاهلية.
٦٠ ـ (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ) أي الوصف القبيح كقتل الأطفال وغيرهم من الأبرياء والسلب والنهب والسفه والجهل (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) أي الوصف العلي العظيم. وتجدر الإشارة أن القصد من ذكره تعالى مع ذكر هؤلاء الرد على قولهم : لله البنات ولهم البنون.
٦١ ـ (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ) اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل ، ولو كان الجزاء منه تعالى في دار الدنيا لكانت الآخرة لزوم ما لا يلزم ، إضافة إلى أن الخضوع خوفا من السيف المشهور فوق الرأس ، لا يعد طاعة ومنقبة (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) لتظهر أفعالهم التي يستحقون عليها الثواب والعقاب بعد تراكم الأدلة وتكرارها وقيام الحجة ولزومها وفتح باب التوبة بمصراعيه (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ ...) واضح ، وتقدم في الآية ٣٤ من الأعراف و ٤٩ من يونس.
٦٢ ـ (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ) لأنفسهم من البنات والشركاء في السيادة والرياسة (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ) ومنه ادعاؤهم (أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) العاقبة الحسنة ، فرد سبحانه هذا الادعاء الباطل بقوله : (لا جَرَمَ) لا شك في (أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) وبئس القرار (وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) بفتح الراء مع تخفيفها من الفرط بمعنى السبق لا من الافراط. بمعنى التجاوز ، والمعنى أنهم السابقون إلى النار.
٦٣ ـ (تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا) رسلا (إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ) يا محمد فلم يستجيبوا لرسلهم ، بل قاسوا منهم ألوانا من الأذى (فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) فاستمعوا له وأطاعوه ، وعصوا الرسل كما عصاك وآذاك مشركو قريش ، فهون عليك ولا تحزن ، فإن لك اسوة بإخوانك النبيين.
٦٤ ـ (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) تشير هذه الآية إلى أن الله سبحانه أنزل القرآن على محمد (ص) لغايات ثلاث. الأولى : أن يرد إليه كل قضية دينية يختلف فيها اثنان. الثانية : أن يهدي به من ضل سواء السبيل. الثالثة : أن شريعة القرآن عدل ورحمة للعالمين ، لأن أحكامها بالكامل تهدف إلى جلب المصلحة ودرء المفسدة ، فما من شيء فيه خير وصلاح إلا وأمرت به وجوبا أو ندبا ، وما من شيء فيه شر وفساد إلا ونهت عنه تحريما لا كراهة.
٦٥ ـ (وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ...) كلنا يعلم أنه لا حياة بلا ماء ، ولكن القرآن يذكر بنعم الله وإفضاله من له أذن تسمع وقلب يخشع ، وتقدم في العديد من الآيات منها الآية ٢٢ و ١٦٤ من البقرة.