٢٧ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً ...) هذه من آداب القرآن وأخلاقه ، وهي أن لا يدخل أحد بيت غيره حتى ولو كان رحما قريبا إلا أن يستأذن من أهل البيت ، وبعد الإذن يدخل ويسلم ، والاستئذان واجب ، والسلام ندب (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) نعلّمكم هذه الآداب لتعملوا بها.
٢٨ ـ (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) بإذن سابق ، كما لو أقام صاحب البيت وكيلا عليه في غيابه (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا) دون أن تحملوا في نفوسكم أية حزازة على صاحب البيت.
٢٩ ـ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ) بأسرة خاصة ، بل معدة للجميع كالفندق والمضيف بفتح الميم (فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) فمن كان متاعه في فندق أو مضيف ، فله الدخول إليه وأخذ المتاع بلا استئذان خاص.
٣٠ ـ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) عن الأجنبيات إلا الوجه والكفين ، ولا بأس بالنظر إلى شعور غير المسلمات ما دام دينهن لا يحرم السفور ، ولا إلى شعور المسلمات من أهل البوادي ، لأنهن لا ينتهين إذا نهين ، شريطة أن يكون النظر من غير ريبة (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) عن الحرام (ذلِكَ) الغض عن المحرمات (أَزْكى) للنفس وأبعد عن الذنب وأقرب للتقوى.
٣١ ـ (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ) وفي هذه المساواة بين الرجال والنساء من غير تفاوت ـ دلالة واضحة على أنه يحرّم على المرأة أن تنظر من الرجل ما يحرم عليه أن ينظر منها ، ويحل لها أن تنظر منه ما يحل له أن ينظر منها أي الوجه والكفين فقط دون سواهما (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) المراد بالزينة هنا موضعها ، والمراد من موضع الزينة الوجه والكفان ، وعليه يكون المعنى أن جميع بدن المرأة عورة يحرم النظر إليه إلا الوجه والكفين. (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ) يضربن : يلقين ، والخمار : غطاء الرأس ، والجيب : فتحة القميص ، والمراد به هنا الصدر ، وهذا أمر من الله تعالى للمؤمنات أن يسترن الشعور بدلالة «خمرهن» والصدور والنحور بدلالة «جيوبهن» وكل اجتهاد يخالف هذه الدلالة الواضحة فهو أشبه بمضغ الهواء ، لأنه في قبال النص وضده لا في تفسيره وقصده على أصول اللغة وقواعدها (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) لكل من الزوجين أن يرى للآخر ما يشاء (أَوْ آبائِهِنَ) ومنهم الأجداد للأب والأم (أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَ) وإن علوا
___________________________________
الإعراب : (تَسْتَأْنِسُوا) منصوب بان مضمرة بعد حتى ، ومثله (حَتَّى يُؤْذَنَ). و (تَذَكَّرُونَ) أصله تتذكرون. والمصدر من (أَنْ تَدْخُلُوا) مجرور بفي محذوفة. (يَغُضُّوا) مضارع مجزوم بلام الأمر المحذوفة أي ليغضوا. والا ما ظهر أي ولا يبدين زينتهن لأحد إلا لبعولتهن.