٦٧ ـ (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) لا تقتير ولا تبذير في الإنفاق ، بل قوام واعتدال وأمر بين أمرين : إفراط وتفريط ، والاعتدال هو الذروة في دين الإسلام عقيدة وشريعة ، لا بالقيم الروحية وحدها ولا بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بهما معا ، وفي الحديث الشريف : «ليس خيركم من عمل لدنياه دون آخرته ولا من عمل لآخرته وترك دنياه ... اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا».
٦٨ ـ ٧٠ ـ (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) لا يجعلون له ندا في العبادة والطاعة ، فكيف حال من يطيع المخلوق في معصية الخالق؟ (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) وقتلها بالحق أن تسعى في الأرض فسادا أو تزني عن إحصان أو ترتد عن فطرة أو تقتل نفسا بغير حق (وَلا يَزْنُونَ) لأن الزنا من أكبر الكبائر والمآثم ، ولذا ساوى سبحانه بينه وبين الشرك وقتل النفس المحرمة (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) من تاب من الذنب كمن لا ذنب له ، وفوق ذلك يثيبه الله على توبته.
٧١ ـ (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) مرجعا حسنا ومرضيا ، وأعاد سبحانه آية التوبة للتنبيه والإشارة إلى أنه تعالى يحب التوابين ، شريطة أن لا يرجعوا إلى المعصية بعد أن رجعوا إلى خالقهم الغفور الرّحيم.
٧٢ ـ (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) لا يتعمدون الكذب في أقوالهم ، بل لا ينطقون بما يجهلون ، ولا يحضرون مجالس السوء والباطل (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) تماما كالنحلة إذا مرت بالجيف والروائح الكريهة.
٧٣ ـ (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) لم يعرضوا عنها ، بل يقبلوا عليها باسماعهم وقلوبهم ، وفي الآية ٢ من الأنفال : (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً).
٧٤ ـ (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) كناية عن السرور ، يدعون الله سبحانه أن يرزقهم أزواجا وأولادا أبرارا وأتقياء سامعين لله ومطيعين ، ليكونوا في منجاة من غضبه تعالى وعذابه (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) هداة إلى الخير والحق ، وقدوة في العمل بهما.
___________________________________
الإعراب : (مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) تمييز. وكان بين ذلك أي وكان الإنفاق. ويضاعف بالجزم بدلا من يلق. و (مُهاناً) حال. وكذلك كراما وصما وعميانا. و (دُعاؤُكُمْ) مبتدأ محذوف الخبر أي لو لا دعاؤكم موجود.