٦٢ ـ (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) المراد بالمضطر العاجز الذي لا يجد عملا ولا وسيلة يلجأ إليها إلا الله وحده. وفي الجزء الثاني من أصول الكافي عن الإمام الصادق (ع) : أربعة لا تستجاب لهم دعوة : رجل جلس في بيته يقول : أللهم ارزقني. فيقال له : ألم آمرك بالطلب أي السعي ، ورجل دعا على زوجته ، فيقال له : ألم أجعل أمرها إليك أي طلاقها ، ورجل كان له مال فأفسده أي بذر وأسرف فيقال له : ألم آمرك بالاقتصاد؟ ورجل كان له مال فأدانه من غير بينة ، فيقال له : ألم آمرك بالشهادة (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) أي يجعلكم خلفا لسلف في ملك الأرض وعمارتها.
٦٣ ـ (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) بالدلائل الأرضية كالجبال ، والسماوية كالكواكب ، وغير ذلك من الأدوات الفنية (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي بين يدي السحاب التي تسقي البلاد والعباد.
٦٤ ـ (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) تماما كما بدأه أو لا يعيده ، وهو أهون عليه ، والدليل الكون العجيب ، وتقدم مرات (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ) بالماء (وَالْأَرْضِ) بما أخرجت من نبات وغير ذلك.
٦٥ ـ (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) هدد النبي الجاحدين بعذاب الآخرة ، فقالوا له : متى هذا الوعد؟ فقال سبحانه لنبيه : قل : علمه عند ربي ، وتقدم في الآية ١٨٧ من الأعراف.
٦٦ ـ (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) ادّارك : تتابع ، والمعنى أن الأسباب الموجبة للإيمان باليوم الآخر هي كثيرة ، وبعضها يتبع بعضا ، ومع ذلك ، كله لم يؤمنوا تماما كما تقول : فلان عنود وجحود لا يقنعه شيء (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها) كيف يؤمنون بالآخرة ، وقد اتخذوا الشك فيها دينا وعقيدة حتى أصبح جزءا من كيانهم؟ (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) جمع عم وهو أعمى القلب ، والمعنى لا يؤمنون بالآخرة لأنهم عمي القلوب صم الأسماع.
٦٧ ـ ٦٨ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً ...) تقدم في الآية ٥ من الرعد وغيرها.
___________________________________
الإعراب : وعما كلمتان أم العاطفة المتصلة وما بمعنى الذي أي أم الذي يشركون. وأمّن كلمتان أم المنقطعة بمعنى بل والهمزة ومن اسم موصول ، وهي في محل رفع بالابتداء والخبر محذوف أي بل الذي خلق السموات والأرض خير. وكذا ما بعدها من نظائرها. والمصدر من أن تنبتوا اسم كان. وإله مبتدأ والخبر محذوف أي أإله تثبتون مع الله. وقليلا صفة لمفعول مطلق محذوف وما زائدة إعرابا أي تذكرون تذكرا قليلا. (أَيَّانَ) ظرف زمان يتضمن معنى الاستفهام ، وهو مبني على الفتح في محل نصب ب (يُبْعَثُونَ). و (ادَّارَكَ) فعل ماض وأصله تدارك. وأئذا كلمتان همزة الاستفهام وإذا وهي متعلقة بفعل محذوف أي أنخرج من القبور إذا كنا ترابا. وهذا إشارة إلى الإخراج وهي مفعول ثان لوعدنا.