سورة فاطر
مكيّة وهي خمس وأربعون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خالق الكون على غير شبيه ومثيل من قبل ، ويرادف كلمة الفاطر كلمة المبدع والمخترع (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) أي اتخذ منهم رسلا بينه وبين أنبيائه (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ ...) ومعنى هذا أن للملائكة أجساما وليسوا مجرد أرواح ، لأن لهم أجنحة ، والفرق أن للطير جناحين وبعض الملائكة لهم أكثر من ذلك ، ونحن على يقين من هذا لأننا عبيد لظاهر النص إلا أن يتعارض مع العقل والواقع فنلجأ إلى تأويل الظاهر بما يتفق معهما على أساس المحافظة على قوانين اللغة.
٢ ـ (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ) هو وحده المعطي والمانع ، ولا مانع لما أعطى ، أو معطي لما منع أبدا ما شاء كان وإن لم يشأ لم يكن ، ومعنى هذا أن على المؤمن العاقل أن لا ييأس من روح الله مهما ضاقت الحلقات ، وأيضا عليه أن لا يأمن المخبآت والمفاجئات حتى ولو أقبلت الدنيا عليه بكاملها.
٣ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) بالطاعة له وحسن السلوك مع عباده بكف الأذى عنهم (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) كلا ، وإذن علام تبيع دينك للشيطان ـ أيها الإنسان ـ طمعا بالحرام ، وتتذلل للأغنياء حتى يتصدقوا عليك بالفتات.
٤ ـ (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) يا محمد (فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) واضح ، وتقدم في الآية ١٨٤ من آل عمران.
اللغة : فاطر السموات والأرض خالقهما على غير مثال سابق. ومثنى وثلاث ورباع معدولة عن اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ، ولم يسمع فيما زاد عن هذه الأعداد مثل مخمس. والمراد بما يفتح هنا ما يعطي. وتؤفكون تصرفون عن الحق إلى الضلال.
___________________________________
الإعراب : (فاطِرِ السَّماواتِ) صفة لله. و (جاعِلِ) صفة ثانية ، وقيل : انه يعمل عمل الفعل لأنه مضاف فأشبه المقرون باللام ، وعليه يكون مضافا الى المفعول الأول وهو (الْمَلائِكَةِ) ، و (رُسُلاً) مفعول ثان. و (أُولِي أَجْنِحَةٍ) بدل من رسل ، ومثنى وما بعدها صفات للملائكة. وما يفتح «ما» شرطية في محل نصب بيفتح. فأنّى تؤفكون أي فإلى أين ، والمجرور متعلق بتؤفكون.