الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) إن هؤلاء الرسل من الأطايب الأخيار والهداة الأبرار ، استجيبوا لهم ترشدوا وتأمنوا من عذاب النار وغضب الجبار ، ثم أكد الوعظ والنصح لقومه بأسلوب أبلغ وأنفع وقال متحدثا عن نفسه :
٢٢ ـ (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) ثم التفت إلى قومه وخاطبهم (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يشير بذلك أنهم المقصودون بالذات من كلامه.
٢٣ ـ (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ) أصناما لا تضر ولا تنفع؟
٢٤ ـ (إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي أنتم في عمى وضلال واضح.
٢٥ ـ (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) أقول كلمة الحق ، وأجابه بها كل مبطل ، ولا أبالي بالموت ، فاصنعوا بي ما تشاءون. وفي الأخبار أن قومه رموه بالحجارة. وفي مجمع البيان نقلا عن تفسير الثعلبي أن رسول الله (ص) قال : سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين : عليّ بن أبي طالب وصاحب يس ومؤمن آل فرعون. ومثله في كشاف الزمخشري.
٢٦ ـ ٢٧ ـ (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ) في الكلام حذف يدل عليه السياق كعادة القرآن ، والتقدير لما مات هذا العبد الصالح المخلص قيل له : ادخل الجنة ، ولما دخلها (قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي) الذين قتلوني لأني نصحتهم وحذرتهم (يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) قتلوه ونكلوا به أشد التنكيل ، وفي اللحظة التي مات فيها عاين ما عاين من كرامة الله وثوابه ، ففرح واستبشر بأنعم الله ، وأيضا تألم وتحسر على قومه ، وتمنى لو أن مخبرا يحدثهم عما هو فيه من أنعم الله كي يتوبوا ويشاركوه هذه السعادة الجلىّ ... أهذا مؤمن ونحن مؤمنون ، بل وحماة الدين؟ وبعضنا يفخر بمنصبه وآخر بسيارته ، وثالث بما أشبه من زخرف الحياة!!.
٢٨ ـ (وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ) أي من بعد قتل المؤمن الصالح (مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ) لأن الله سبحانه يهلكهم بطريق أيسر من نزول ملائكة العذاب.
٢٩ ـ (إِنْ كانَتْ) العقوبة (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) من جبريل أو غيره ، فلم تبق روح في الجسم.
٣٠ ـ (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) هذه الحسرة تعبير عن سوء المصير والعاقبة الوخيمة.
___________________________________
الإعراب : ولا ينقذون الأصل ينقذونني. فاسمعون النون للوقاية والأصل فاسمعوا قولي ثم حذف المضاف وهو القول للتخفيف فصار الفعل فاسمعوني ثم حذفت الياء للوقف. يا ليت «يا» للتنبيه. اسم كانت محذوف أي ان كانت الصيحة أو العقوبة إلا صيحة واحدة. و (حَسْرَةً) منادى أي (احضري يا حسرة فهذا وقتك) ونصبت لأن على العباد يتعلق بها. وكم خبرية ومحلها النصب بأهلكنا