تنطلق الدعوة وتنتشر في أرجاء العالم كما حدث بالفعل (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) تدعو الناس إلى الإيمان بيوم القيامة والخوف من حسابه وعذابه.
٨ ـ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) لو كان الناس مسيّرين لا مخيّرين لم يكن هناك كفر وإيمان ولا خير وشر ، وتقدم مرات ، ومنها الآية ٤٨ من المائدة (وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) وهم المؤمنون المطيعون لقوله تعالى : (وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) ـ ٧١ التوبة».
٩ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ) الله ولي العبد بمعنى الناصر له والمتولي لأموره ، والعبد ولي الله بمعنى المطيع له ولموالي لمن والاه والمعادي لمن عاداه.
١٠ ـ (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ) هذه حكاية لكلام الرسول الأعظم (ص) بدليل قوله بلا فاصل : (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) كل شيء يختلف الناس فيه فمرجعه إلى كتاب الله وسنة نبيه ، وتقدم في الآية ٥٩ من النساء : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول.
١١ ـ (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خلق الكون بأرضه وسمائه (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) كي تتعاطفوا وتتبادلوا الرحمة والمودة (وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً) أصنافا وذكورا وإناثا ، وتقدم في الآية ١٤٣ من الأنعام (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) يكثركم في هذا التدبير نسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ذاتا ووصفا ، لأنه خالق كل شيء وفوق كل شيء.
١٢ ـ (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أمور الكون كلها في قبضته (يَبْسُطُ الرِّزْقَ ...) تقدم في الآية ٢٦ من الرعد.
١٣ ـ (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً ...) الخطاب في «لكم» للمسلمين ، والمعنى أن الذي جاء به محمد هو امتداد لما جاء به نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ، وإنما خصّ سبحانه هؤلاء بالذكر لأن لكل واحد منهم شريعة نتفق مع شريعة الآخرين بعقيدتها كالتوحيد والبعث ، وبمبادئها وأحكامها كوجوب الواجبات وتحريم المحرمات ، وتدعيم القيم الأخلاقية ومحاربة الانحراف والرذيلة وتفترق عن الأخرى في بعض الفروع الاجتماعية والاقتصادية التي تصلح لزمان
___________________________________
الإعراب : وجملة لا ريب فيه صفة ليوم الجمع. (وَفَرِيقٌ) مبتدأ وخبره محذوف أي منهم فريق. ومن ولي «من» زائدة إعرابا وولي مبتدأ وما لهم خبر مقدم ، والجملة خبر الظالمون. أم اتخذوا «أم» بمعنى بل للانتقال من كلام الى كلام ، وقيل هي بمعنى الهمزة فقط. وما اختلفتم «ما» اسم متضمن معنى ان الشرطية ، ويحتاج الى فعل الشرط وجوابه. ومن شيء «من» بيان لما ، أي كل شيء تختلفون فيه. وذلكم مبتدأ والله خبر وربي بدل وفاطر خبر آخر. ويذرؤكم فيه ضمير فيه يعود الى الجعل المفهوم من قوله تعالى جعل لكم. وكمثله الكاف زائدة اعرابا أي ليس مثله.