سورة الطّلاق
مدنيّة وهي اثنتا عشرة آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) الخطاب للنبي (ص) والمقصود كل مكلف ، والمراد بالعدة هنا أن تحيض الزوجة ، وتطهر من الحيض ، ولا يقربها الزوج في طهرها هذا ، وعندئذ يطلق إذا أراد ، واتفقت المذاهب على أن الطلاق من غير هذا الشرط محظور في ذاته ، ولكن قال السنّة : إذا طلق الزوج في حال الحيض أو في طهر المواقعة يلزم الطلاق. وقال الشيعة الإمامية : بل يقع لغوا (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) ابتداء وانتهاء ، لأن لها أحكاما تخصها كالنفقة والرجوع عن الطلاق أو البذل والمنع من الزواج ، إلى غير ذلك مما ذكره الفقهاء في كتبهم (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ) تبقى المطلقة الرجعية في بيت سكناها مدة العدة ، ولا يحق للمطلق أن يخرجها منه ، ولا يسوغ لها الخروج (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) تبقى في البيت حتى يثبت عليها أنها زنت فتطرد منه عندئذ (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) إشارة إلى شروط الطلاق وأحكامه (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) من تجاوز حلال الله وحرامه فقد جنى على نفسه بنفسه (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) المراد بهذا الأمر المراجعة أي أن الحكمة باستبقاء المطلقة في بيت سكناها ـ التوقع بأن يتغير رأي الزوج وتحدث له الرغبة في مراجعتها.
٢ ـ (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) إذا أوشكت العدة على الانتهاء فالمطلق بالخيار إن شاء راجع وعاشر ، وإن شاء ترك إلى غير رجعة ، وفي الحالين عليه أن يلتزم بالمعروف والمألوف (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) قال فقهاء السنة كلهم أو جلهم : يجب الإشهاد على الزواج دون الطلاق ، ومن هنا فسّر فريق منهم هذه الآية بالإشهاد على الرجعة لأنها زواج أو في منزلته ، وقال فقهاء الشيعة : يجب الإشهاد على الطلاق دون الزواج ، وفسروا هذه الآية بالإشهاد على الطلاق دون الرجعة ، وهناك قول ثالث بوجوب الإشهاد على الزواج والطلاق والرجعة ، ذكره ابن كثير في تفسير الآية التي نحن بصددها (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) لا لمرضاة المشهود له ، ولا نكاية بالمشهود عليه (ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ) إشارة إلى شروط الطلاق ، ومنها الإشهاد عليه ، والمؤمنون هم الملتزمون بها (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ
___________________________________
الإعراب : (لِعِدَّتِهِنَ) على حذف مضاف أي لزمن عدتهن ، ومعناه ان الطلاق مقيد بزمان معين ويأتي التفصيل ، وعليه تكون اللام للتوقيت مثل كتبته لخمس ليال بقيت من شهر كذا والمجرور متعلق بطلقوهن. والمصدر من أن يأتين متعلق بباب السببية المقدرة أي بسبب إتيان الفاحشة. واللائي يئسن مبتدأ أول ، فعدتهن مبتدأ ثان وثلاثة أشهر خبره ، والجملة خبر الأول. و (إِنِ ارْتَبْتُمْ) اعتراض. و (اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) مبتدأ والخبر محذوف أي فعدتهن كذلك. و (أُولاتُ الْأَحْمالِ) مثل واللائي يئسن. وأجرا مفعول يعظم على معنى يعطيه أجرا عظيما.