مِثْلَهُنَ) تعددت الأقوال حول السموات السبع والأرضين السبع ، ومنها أن الكون الأكبر يضم سبعة أكوان ، وفي كل كون العديد من الكواكب ، من جملتها كوكب أرضي تماما كهذا الكوكب الذي فيه نحيا ونموت. وفي تفسير ابن كثير : سئل ابن عباس عن قوله تعالى : (سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) فقال لو حدثتكم عن تفسيرها لكفرتم. يريد أن عظمة الكون فوق تصورهم ، وتقدم في الآية ١٢ من فصلت وغيرها (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) هو وحده الممسك بالكون والمدبر له ، ولو لا ذلك لماج واضطرب (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ) لا يعجزه شيء ، ولا يخفى عليه شيء ، ومن جهل أو ذهل عن الله وعظمته فقد جهل بعلة وجوده ومصيره ، وبالرقيب الذي يسأله ويحاسبه عن كل حركة وسكون.
سورة التحريم
مدنيّة وهي اثنتا عشرة آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) كان النبي (ص) مع زوجاته كأفضل ما تكون الحياة الزوجية. ومن أقواله : «خيركم خيركم لأهله ... ما أكرم النساء إلا كريم ، ولا أهانهنّ إلا لئيم». وقيل : إن النبي (ص) حرم العسل على نفسه ، لأنه شرب عسلا عند زوجته زينب فتواطأت حفصة وعائشة أن يقولا له حين يدخل عليهما : نشم منك ريح مغافير ، وهي صمغة حلوة الطعم ولكنها كريهة الرائحة ، فدخل على حفصة فقالت له ذلك. فقال لها : شربت عسلا عند زينب ، واستكتمها تحريم العسل على نفسه ، ولكنها أخبرت عائشة ، ولما دخل على عائشة قالت له مثل ما قالت حفصة ، فنزلت الآية ، قال الشيخ الطبرسي : «والمعنى لم تطلب مرضاة نسائك فهن أحق بطلب مرضاتك ... ويمكن أن يكون العتاب على ترك الأفضل والأولى».
٢ ـ (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) المراد بالتحلة الكفارة ، وبها يتحلل المرء عما كان عزم عليه ، وتقدم الكلام عن كفارة اليمين في تفسير الآية ٨٩ من المائدة.
٣ ـ (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً) وهي حفصة التي استكتمها النبي تحريم العسل على نفسه (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) أفشت حفصة سر النبي على الرغم من وصيته لها بالكتمان ، ولما أذاعت وأفشت أخبر الله نبيه الكريم بخبرها ، فأطلعها النبي على بعض ما أفشت ، وأعرض عن بعضه رفقا بها (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا) سألته عن المخبر (قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.