سورة الجنّ
مكيّة وهي ثمان وعشرون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (قُلْ) يا محمد (أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) الجن حقيقة واقعة ، لأن الوحي أثبته ، والعقل لا ينفيه ، إن قال قائل : العلم الحديث لم يثبت الجن. قلنا في جوابه : وهل في العلم الحديث ما ينفيه؟ إن هذا العلم يعتمد الحس والعيان ، ولا شيء في القرآن أو السنة يقول بالعبارة أو الإشارة : إن إنسانا رأى الجن ، بل هذه الآية تشير إلى أن النبي ما رأى الجن ، ولا عرف أن نفرا منهم يستمعون إليه إلا بوحي من الله. وقال الشافعي : من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته (فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) في بلاغته وهدايته.
٢ ـ (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) إلى الحق والعدل والسلام والحرية ، إلى حياة لا جور فيها ولا جهل ولا فقر (فَآمَنَّا بِهِ) وهل من إنسان حقا وواقعا لا يؤمن بالإنسانية؟ (وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) لا عظيم سواه ، بيده ملكوت كل شيء ، وهو على كل شيء قدير.
٣ ـ (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) أي تعالى جلاله وكماله عن الصاحبة والولد.
٤ ـ (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً) بعيدا عن الحق والواقع ، وإضافة السفيه إلى الجن تومئ إلى أنه كان فيهم من يفتري على الله كذبا.
٥ ـ (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً) كان قادة الجن يدعون الأتباع إلى الشرك فيشركون إيمانا منهم بأن ما من أحد يقول على الله بغير الحق.
٦ ـ (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) المراد برجال الإنس الجهلة البسطاء ، والمراد برجال الجن المشعوذون الدجالون الذين يزعمون أنهم يسخّرون الجن فيما يريدون ، والمعنى أن السذج من الناس كانوا يستجيرون بالدجالين ليدفعوا غائلة الجن عنهم أو يتنبئوا بما يحدث لهم
___________________________________
الإعراب : المصدر من (أَنَّهُ اسْتَمَعَ) نائب فاعل لأوحي ، وضمير انه للشأن. و (عَجَباً) صفة للقرآن بمعنى عجيب. و (شَطَطاً) صفة لمفعول مطلق مقدر أي قولا شططا ، ومثله كذبا. و (أَنْ لَنْ) «أن» مخففة ، واسمها ضمير الشأن محذوف ، والمصدر المنسبك سادّ مسدّ مفعولين. و (رَهَقاً) مفعول ثان لزادوهم.