سورة الإنسان
مدنيّة وهي احدى وثلاثون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) هل في صورة الاستفهام ، ومعناها التوكيد والتحقيق وقد مرّ الإنسان بمراحل : (١) من العدم إلى الوجود الترابي ، جمود بلا سيلان (٢) الوجود المائي ، سيلان بلا نمو (٣) الوجود النامي بلا إحساس (٤) الوجود الحيواني ، نمو وإحساس بلا إدراك (٥) الوجود الإنساني ، نمو وإحساس وإدراك.
٢ ـ (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) جمع مشيج وهو الخليط (نَبْتَلِيهِ) بلاء ، له صولات وجولات أنطقت المعري بالبيت الشهير ، وقال الإمام علي (ع) : «ان الله يختبر عباده بأنواع الشدائد ويتعبدهم بأنواع المجاهد ، ويبتليهم بضروب المكاره إخراجا للتكبر من قلوبهم ، وإسكانا للتذلل في نفوسهم».
٣ ـ (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) وأوجز الإمام جعفر الصادق (ع) هذا المعنى بقوله : «الله يحتج على الناس بما آتاهم وعرفهم» فمن آتاه ما لا يسأله : هل أدى ما فيه من حق؟ ومن آتاه علما : هل عمل بموجبه؟
ومن أتاه جاها وسلطانا : هل أقام به حقا وأنصف مظلوما من ظالمه؟ ويقول لكل عاقل قادر : منحتك العقل والقدرة والحرية والإرادة وأوضحت لك طريق الخير والشر بأدلة العقل والوحي ، ونهيتك عن هذا وأمرتك بذاك ، فهل : عملت بطاعتي أو بأهوائك؟ فمن عمل بطاعته فاز بفضله ومرضاته ومن عمل بالهوى والغرض قامت لله عليه الحجة ، وأخذه بجرمه وجريرته.
٤ ـ (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً) السلاسل للجر والسحب والأغلال للأيدي والأعناق ، والسعير نار لها شهيق وفورات وتغيظ وزفرات.
٥ ـ ٦ ـ (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً) في طيب رائحته ، قال ابن عباس : كل ما في الجنة ليس منه في الدنيا إلا الاسم.
٧ ـ (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ...) يطيعون الله فيما أوجبه عليهم ، وفوق ذلك يوفون بما ألزموا به أنفسهم من المبرات والمستحبات.
٨ ـ (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) أي وهم في أشد الحاجة إليه (مِسْكِيناً) لا مال له (وَيَتِيماً) لا كفيل الإعراب : (هَلْ) هنا بمعنى قد عند المفسرين. و (السَّبِيلَ) مفعول ثان لهديناه لأن المعنى عرّفناه أو أريناه. (إِمَّا) أداة تفصيل. و (شاكِراً) و (كَفُوراً) حالان من هاء هديناه. و (عَيْناً) مفعول لفعل محذوف أي اعني عينا. وقال صاحب مجمع البيان : الباء في «بها» زائدة.